TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > مكاشفة: دورة حياة يومية

مكاشفة: دورة حياة يومية

نشر في: 14 مارس, 2010: 05:02 م

كاظم الجماسي للعراقي الذي عبر الخمسين من سني عمره، وتفتح وعيه إبان أواخر ستينيات القرن المنصرم ومفتتح السبعينيات، كان مشهد الحياة اليومية رتيبا بنحو ما، تجري أيامه وساعاته بمتوالية اعتيادية، القلة التي ولدت وفي افواهها ملاعق من ذهب ظلت ملاعقها تتراقص في أفواهها حتى عام 1979، فيما الكثرة التي كابدت شظف العيش وعسرته ظلت تكابد ذات الشظف وذات العسرة حتى الساعة.
وربما يتساءل القارئ لم العام 1979 حصرا؟ فنجيب في ذلك العام اكتملت دورة الاستبداد وانعقدت بين يديه تماما مقاليد شعب العراق يوم اعتلى عرش الحكم بنحو وقح وسافر الطاغية المقبور، بعد ان أمست الطريق سالكة أمامه في ظل تغييب القوى التقدمية والوطنية سواء تحت ركام المقابر الجماعية او في شتات المنافي، وراح يعيث فسادا في التراتبية الاجتماعية العراقية لصالح العسكرة الكاملة للمجتمع، الأمر الذي غيب اي ملمح مدني من ملامح الحياة المعتادة للشعب العراقي، ثم توجت حرب الثماني سنوات العسكرة تلك وأمست مصائر الناس جميعها في مهب الريح سواء مصائر أولئك المرابطين على سواتر القتال او مصائر المغيبين في غياهب السجون او المقابر، بفعل زوار الليل المواظبين من عسس الاستبداد المقيت.دورة الحياة اليومية التي اختلفت سيرورتها تماما ايام العصابة الصدامية سيئة الذكر  كلفتنا كعراقيين الكثير.. الكثير من الخسائر حتى بات حجم خسائرها خرافيا، ربما اصاب البعض من العراقيين باليأس والقنوط، سيما وان من شاءت انعطافة التاسع من نيسان من عام2003 ان تضعه في مفصل القرار، لم يكن أداءه مرضيا في أحسن الأحوال، الأمر الذي بدلا من ان يردم الهوة ويصحح المسار راح يعمقها ويبعثر الجهود والاموال.راح العراقي بعد الانعطافة المذكورة آنفا مدفوعا بعشق اصيل للحياة يمني النفس بأن تشخص أحلامه، التي لطالما ألفها وألفته قائمة على ارض الواقع، وهي على أية حال ليست سوى أحلام بسيطة مشروعة، غير ان الذي حصل في دورة حياته اليومية ليس بالتغيير العظيم الذي كان يأمل ان يحصل، وغدت مربكة مشوشة ما فسح حيزا واسعا للخائضين بقصد ومن دونه لأن يعبثوا بمقدرات حياته بل وحياته ذاتها.اجتاز العراقيون بأمتياز، لا يليق الا بهم، امس امتحانا بالغ الصعوبة، راهن على فشلهم فيه الأصدقاء قبل الاعداء، وفاجأ هذا الشعب العظيم مختلف شعوب وحكومات العالم، إذ عانق بنسب عالية صناديق الاقتراع، فيما شارفت الدورة الانتخابية الحالية على النفاد، لتنزرع شتلات امل جديدة في نفوس العراقيين بدورة حياة يومية جديدة مختلفة الوقع، ابرز مفرداتها حقوق الناس التي طال هضمها، أمان وسكن وصحة وتعليم وكهرباء وماء وكرامة وضمان و..و..و..شتلات الأمل المزروعة في قرارة الروح العراقية الأصيلة والعظيمة، ليست بحاجة اليوم ولا غدا ألا لمن يسقيها ويشد من عضدها بالجهد الشريف الخلاق والإصرار على كنس نفايات الماضي الهجينة وشد أحزمة عدة لبناء مستقبل مزدهر ووفاء في حدوده الدنيا لما بذلته تلك الروح من اجل العراق ومستقبله.Kjamasi59@yahoo.com   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram