إلى/ جريدة المدى الغراءابعث أليكم برسالتي هذه وأنا في غاية الحزن حدادا على والدي المتوفى، والذي كان بإمكان كادر مستشفى اليرموك العام تقديم بعض العون في انقاذه، والقصة بدأت كما يأتي: ذات مساء أصيب والدي بجلطة في الدماغ، فأسرعنا بنقله الى مستشفى ابن النفيس، وبعد قيام كادر الطوارئ بواجبهم بصورة جيدة، أمر الطبيب الخفر بنقله الى مستشفى اليرموك،
ومن هنا بدأت رحلة المعاناة القاسية، بدءا من سائق سيارة الإسعاف في مستشفى ابن النفيس والذي لا يتحرك من مكانه ان لم يقبض مسبقا (الإكرامية) ، وصلنا المستشفى المذكور بعد دفع اجرة(الإسعاف) .عند الباب لن تحصل على عربة(سدية) لنقل مريضك الى حيث الطوارئ من دون دفع الأجرة، أوصلنا المريض الى الردهة بعد دفع(الإكرامية) ، حصلنا على سرير شاغر بعد انتظار دام أكثر من خمس وأربعين دقيقة ، من دون ان يفحصه طبيب، وضعنا والدي على السرير الشاغر، وحضر أخيراً الطبيب وبعد فحص سريع اخبرنا الطبيب ان (الأفضل في مثل هذه الحالة الرجوع بالمريض الى البيت وانتظار رحمة الله)!!!وبعد اخذ ورد مع الطبيب طلب إحضار علاج معين، فهرعنا الى صيدلية المستشفى، وكالعادة لاوجود للعلاج الا خارج المستشفى، جلبنا العلاج ولدى بحثنا عن الطبيب الخافر قيل لنا انه خرج ولن يعود الا في صباح اليوم التالي، ولا وجود لأحد يحل محله سوى ممرض واحد يتنقل بين ردهتي النساء و الرجال، وعندما طلبنا اليه ان يعطي العلاج لوالدنا اعتذر بعدم معرفته عن كيفية التنفيذ، واشار الى ان الطبيب وحده هو من يجيد ذلك لتعقيد في الكيفية...كانت ليلة طويلة وقاسية على مريضنا اذ شهدت حالته انتكاسة حادة، ووضع في الإنعاش، فيما بقينا نسهر عند رأسه يأكلنا القلق، وتسرح وتمرح بين اقدامنا وفي الردهات أنواع عدة من الحشرات التي تطاردها القطط حتى الصباح الذي أبطأ كثيرا في الحضور، فقررنا الفرار من مستنقع هذا البؤس اللاانساني، ووقع اختيارنا على مدينة الطب.هناك كان الحال افضل بكثير، حيث العناية افضل والنظافة أفضل والتعامل افضل أيضاً، غير ان يد القدر لم تمهل والدنا كثيرا اذ اختطفه الموت بعد ايام قلائل...وتبقى في قرارة ارواحنا غصة وسؤال، الغصة لسلوك لاانساني لمسناه في مستشفى اليرموك لمس اليد، وسؤال يتمثل في : متى يمكن تطبيق عبارة الطب مهنة الرحمة على ارض الواقع في كل مؤسساتنا الصحية؟المواطنرعد سامي
رحلة الأوجاع
نشر في: 14 مارس, 2010: 05:05 م