عباس الغالبي لا يشكل القطاعان الانتاجيان الاكثر اهمية من غيرهما الزراعي والصناعي الا نسبا ضئيلة في الناتج المحلي الاجمالي وسط حالة سبات وركود كبيرتين لمعظم المشاريع والبنى الارتكازية لهذين القطاعين الحيويين .
وقد تراجع القطاعان الزراعي والصناعي خلال الخمسة اعوام الاخيرة بشكل يدعو للقلق في ظل دعاوى الانتقال التدريجي من الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق ، وهو الامر الذي يتقاطع مع طبيعة هذا الانتقال الذي يتطلب قطاعات انتاجية فاعلة ونشيطة وقادرة على تلبية احتياجات السوق .فالسعي الى قطاعات انتاجية ملبية للحاجة الفعلية هي من أولى سمات الاقتصاد المعافى ، وهذا السعي يتطلب جهداً كبيراً من المخططين والمنفذين مع ضرورة الالتفات الى الرؤى الاقتصادية التي تتضمنها الخطط والبرامج على مستوى المؤسسات التنفيذية.ولايمكن ان يسير القطاع الزراعي منفرداً أو الصناعي لوحده مالم يسيرا بشكل متواز وبنسب مساهمة عالية في الناتج المحلي الاجمالي ، حيث لن يتحقق ذلك بين ليلة وضحاها ، بل يحتاج الى الصبر والمطاولة والتخصيصات المالية للموازنات الاستثمارية القادرة على سد حجم الاستثمار المطلوب وفي مختلف القطاعات الاقتصادية ، حيث لم يكن الامر مقتصراً على جانب واحد لتفعيل القطاعات الانتاجية بل ينصرف الامر الى تضافر عوامل وعناصر عدة سعياً لتحريك عجلة الانتاج المتوقفة في القطاعين الزراعي والصناعي ، حيث لم تدر هذه العجلة من دون وقود تشغيلي يتعلق بالخطط الناجحة والقدرات الفنية والادارية الكفوءة والتخصيصات المالية الكافية.وفي تصريحات سابقة لوزير الصناعة العراقي قدر حاجة القطاع الصناعي الى اكثر من ملياري دولار مع دخول الاستثمار الاجنبي في حيثيات هذا القطاع الذي يعاني من التقادم والخبرة الفنية ، فيما يقدر الخبراء حاجة القطاع الزراعي الى اكثر من مليار دولار للارتقاء بالانتاج مع ضرورة ادخال التقنية الحديثة الى هذا القطاع المهم ، وهذا الامر يعني ان الرؤية الستراتيجية المقبلة ستأخذ بنظر الحسبان حجم الحاجة وطبيعة المشاريع ونوع الاستثمار وقدرة الشركات الاستثمارية على سرعة وجودة التنفيذ.فالقطاعات الانتاجية كفيلة بتعدد مصادر الدخل وبالتالي تخليص الاقتصاد العراقي من ريعيته المفرطة واعتماده الكبير على النفط ، حيث يمكن ان يكون النفط عنصراً داعماً ومحركاً لعجلة الانتاج في بادىء الامر وصولاً الى دورة اقتصادجية نشيطة تجعل كلا من القطاعين الزراعي والصناعي رديفان للقطاع النفطي في دعم قدرات الاقتصاد الوطني .ويرى كثير من المراقبين ان القطاعات الانتاجية الفاعلة والنشيطة هي مدعاة لمشهد اعماري وخدمي وتنموي وسياحي عالي المستوى وهي بمجموعها قطاعات تمثل المشهد الاقتصادي المتكامل الذي هو الان أحوج مايكون الى التفاعل مع القدرات الكامنة لديه لجعله اقتصاداً قوياً يشار له بالبنان بين اقتصاديات المنطقة أولاً ، ومن ثم الانطلاق الى اندماج سريع مع الاقتصاد العالمي لاكسابه عناصر القوة الخبرة والامكانية والتقنية ، ولعل الفترة القليلة القادمة هي الفرصة الذهبية للاقتصاد الوطني لامتلاك ناصية التقدم.
اقتصاديات: تفعيل القطاعات الانتاجية
نشر في: 15 مارس, 2010: 04:49 م