د. أحمد أبو مطر لا يختلف عربيان أو كرديان على أن القائد الراحل مصطفى البارزاني (1903-1979) أمضى غالبية سني عمره الستة والسبعين مناضلا في صفوف الحركة الكردية ، وقد أعطى الحركة الكردية المناضلة ضد قمع ومصادرة حقوق الشعب الكردي ، من الزخم والعطاء ما جعل إسمه كواحد من القيادات البارزانية ، يرتبط بقلب النضال الكردي ، فأصبح رمزا من رموز هذا النضال ،
وهو سليل العائلة البارزانية التي قاد زعماء منها الحركات الوطنية الكردية بين عامي 1931 و 1947 ، ومنهم الشيخ عبد الرحيم البارزاني والشيخ عبد السلام البارزاني والشيخ أحمد البارزاني الذين قادوا النضال الكردي ضد الإحتلال والقمع التركي ، وقد أخذت هذه العائلة إسمها من سكنها وإنتمائها لمنطقة (بارزان) الواقعة في أقصى شمال شرق إقليم كردستان على سفح جبال شيرين الجنوبية في جنوب سلسلة جبال شيروان التي هي الحدود الفاصلة بين تركيا وإقليم كردستان العراق . وربما مما له دلالة أن المقاتلين الكرد ، ومنهم البارزانيون عرفوا بصلابتهم في القتال ، إيمانا بحق الشعب الكردي في الحرية والإستقلال ، وإمتثالا للتربية على المثل الكردي الذي يقول ( الرجال خلقوا ليقتلوا) ، لذلك كان مجرد ذكر إسم الفدائيين الأكراد (البيشمركه)، يثير الفزع والخوف في قلوب جيوش الأنظمة المصادرة لحقوق الشعب الكردي . وقد بلور المرحوم الخالد مصطفى البارزاني مبكرا مطالب النضال الكردي في أثناء قيادته وتفعيله لما عرف في التاريخ الكردي الحركة البارزانية الثانية بين عامي 1943 و 1945 ، عندما تباحث مع ماجد مصطفى ، وزير الدولة العراقية في زمن حكومة نوري السعيد التي تشكلت يوم الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1943 ، وقد تقدم المرحوم مصطفى البارزاني آنذاك بالمطالب الوطنية الكردية التالية : أولا : تشكيل ولاية كردية تضم كركوك والسليمانية و أربيل و أقضية الموصل ودهوك وزاخو وعقرة و سنجار والشيخان وخانقين . ثانيا : تتمتع الولاية الكردية بإستقلال ذاتي في المسائل الثقافية والإقتصادية والزراعية . ثالثا : إعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في الولاية الكردية . رابعا : تعيين وكيل وزارة كردي في كل وزارة في بغداد ، ووزير كردي يكون مسؤولا عن ولاية كردستان . وهكذا ، كما نلاحظ فإن جوهر المطالب القومية الكردية المطروحة الآن ، ليست جديدة ، فقد تبلورت منذ ما يزيد على ستين عاما . وقاد المناضل مصطفى البارزاني النضال الكردي في إيران والعراق ، وفي السنوات من 1961 وحتى وفاته في عام 1979 ، كان بلا منازع القائد الميداني للنضال الكردي ضد الحكومات القمعية في العراق ، خاصة حكومة البعث الإستبدادية التي إرتكبت بحق الشعب الكردي من الجرائم ، ما جعلها تدخل سجل الإبادة الجماعية ، ويكفي أن نذكر جريمة مجزرة حلبجة وجرائم ما عرف بحملات الأنفال . إننا في التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ، عندما نشارك اليوم في إحياء ذكرى المناضل القائد مصطفى البارزاني، إنما نشارك عن قناعة أصيلة عندنا ، وهي الإنتصار للشعب الكردي الذي صودرت حريته و قوميته ، ولأننا نؤمن بأن النضال الكردي والعربي كان مشتركا ومتلاحما عبر العصور من أجل الحرية والعزة والكرامة ، ففي التاريخ العربي الكردي المشترك لا يمكن أن ننسى القادة المناضلين الأكراد : عماد الدين زنكي ، وصلاح الدين الأيوبي والأسرة الأيوبية في مصر وبلاد الشام ، التي أصبحت رمزا نضاليا مشرفا في التاريخ العربي. كما أننا بإعلاننا عن هذا التجمع والمئات من العرب الشرفاء الذين أيدوه وأنتسبوا إليه ، إنما نعلن عن ضرورة الإستماع إلى المطالب القومية الكردية التي تتمحور الآن في إقليم كردستان حول مطلب أساسي وهو(الفيدرالية) ، ونحن في التجمع ندعم هذا التوجه لأنه خيار الشعب الكردي ، ولأنه لايقبل العربي أن يصادر أحد حقوقه القومية وبالتالي لا يمكن أن نكون بجانب من يسعى لمصادرة حقوق الشعب الكردي القومية ....وفي هذه الذكرى ، نعاهد أشقاءنا أبناء الشعب الكردي على أن نظل مدافعين أقوياء عن حقوقهم القومية ، لأن الإقرار بهذه الحقوق والإعتراف بها دستوريا وقانونيا من شأنه أن يعزز العلاقات الكردية العربية على أساس المساواة والتكافؤ....ونود أن نقول لأي عنصري يتحامل على الشعب الكردي الشقيق ، أليس من العار هذا التهافت العربي على الإعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات حسن جوار معها ، وهي التي قامت على أرض الشعب الفلسطيني ، وفي الوقت ذاته يوجد بيننا من يتنكر لحق الشعب الكردي في العيش الحر الكريم في وطنه القومي الذي قسّمته ومزقته السياسات والقوى الإستعمارية . وهنا نشير لتلاحم وتأييد الشعب والحكومة الكردية لنضال الشعب الفلسطيني ، كما عبرت عنه زيارة الأستاذ صلاح بدر الدين رئيس جمعية الصداقة العربية - الكردية قبل أسابيع قليلة إلى رام الله ، مسلما رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الرئيس مسعود البارزاني ، وهي خطوة لاقت ترحيبا في أوساط الشعب الفلسطيني في حصاره الحالي . الحرية والكرامة للشعب الكردي الشقيق التأييد الكامل لأية مطالب كردية قومية وطنية . التلاحم بين النضالين الكردي والعربي من أجل حرية وكرامة الشعبين . rn* نص الكلمة التي ألقاها الدكتور أحمد أبو مطر ، بإسم التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ، في الإحتفال
مصطفى البارزاني ..رمز خالد من رموز النضال الانساني
نشر في: 17 مارس, 2010: 04:23 م