اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > ليلة مع الملا مصطفى البارزاني

ليلة مع الملا مصطفى البارزاني

نشر في: 17 مارس, 2010: 04:36 م

ارشد توفيقشجرة الجوز في كردستان تخبرك عن فصول السنة , في الخريف هناك مهرجان للالوان في اوراقها وفي الورقة الواحدة اختصار لكل الوان الخريف . الجبال الزرق في الافق وبساتين على طول الطريق تعلن كل شجرة عن نوعها باللون الذي ترتديه .. اشجار السماق في سفوح التلال تلتهب حمرة شأنها شأن الكروم التي لم يبق فيها غير عناقيد منسية يحوم حولها النحل .
 في الانسام رعشة باردة تنعش ولا تؤذي في الطريق الجبلي الذي يؤدي الى احدى مقرات الملا مصطفى البارزاني . قبل كلالة دلفنا يمنة حيث كان المرحوم ادريس البارزاني ينتظرنا بسيارة جيب .. كانت الطريق وعرة وغير مبلطة تلتف حول سفح .. ظلت السيارة تهبط بنا الى ان وصلنا قرية صغيرة في واد عميق تحيطه الجبال من كل صوب .. لم تكن قرية بالمعنى المعروف حيث لا اطفال ولا نساء الا واحدة كانت تخبز الى جانب تنورها وفي المكان رجال مسلحون . قادنا المرحوم ادريس البارزاني الى حيث يستقبل والده ضيوفه : مبنى متواضع من طين يحتوي على غرفتين بينهما موقد للشاي , الغرفة اليسرى تحتوي على كراس متواضعة ومنضدة تقع يمين الغرفة , اما الغرفة اليمنى فهي لمبيت الضيوف , لا أسرة فيها . جلسنا في غرفة الضيوف بانتظار القائد الكردي وقيل لنا انه سيأتي بعد الافطار , تذكرت اننا كنا في شهر رمضان . حوالي الساعة الثامنة مساء دخل المغفور له : أبى ان ننهض له وكنا نحن الثلاثة في حيرة من امرنا حول طريقة مخاطبته , قال ادعوني باسمي فأنا لا احب الالقاب وكان من المخجل ان ندعوه باسمه وهو الذي قاد اكثر من جيل في كفاح دام . كان يتحدث مع رئيس اتحاد طلبة كردستان في اوربا واذكر ان اسمه ( دارا ) وهناك مجلات اوربية تتحدث عن مجزرتي صوريا ودهكان اللتين وقعتا عام 1969 او عام 1970 ان لم اكن مخطئا . من الغريب ان الحديث عنهما لا يكاد يسمع ربما لان حلبجة غطت عليهما . كان ( دارا ) يتحدث معه وكان الملا مصطفى ينظر الينا .. كان الحديث يجري باللغة الكردية .. اكتشف الملا من انتباهي انني افهم لغة الحديث فسألني ان كنت اعرف اللغة الكردية اجبته انني اعرف اللهجة البهدينانية وانني فهمت الحديث كله .. قال عرفت ذلك من ملامح وجهك . كان الهدف من الزيارة اجراء مقابلة صحفية نشرت في جريدة الرسالة الموصلية وهي موجودة في المكتبة العامة في الموصل واتمنى لو يعاد نشرها الان . كان بيان الحادي عشر من اذار يمر بتفاصيل واختلافات غير حادة وكان الملا يلوم العسكريين في قيادة النظام انذاك في طريقة رؤيتهم للمسألة الكردية وكان نقده منصبا على سعدون غيدان وحماد شهاب . كان يتحدث بلغة عربية بليغة وكان يستعين بايات من القران بين حين واخر .. كان بسيطا كراع كردي وكانت بساطته اسرة وعميقة . قال : نريد ان نكون اكرادا كما خلقنا الله لا عراة ولا جوعى . قال : انا اتجول في السفح وأتأمل خلق الله .. انظر الى شجرة او اجلس الى ينبوع .. انه الله في كل مكان . قلت له انك صوفي اذن والصوفية لا تنسجم مع السياسة . رد على الفور : هل جلس النبي في داره ليصلي فقط ثم ذكر الاية : وأعدوا لهم ما استطعتم .. ألخ . كنت ادخن فقال انه يريد ان يصنع (مشربا) لي وتناول غصنا يابسا ليحفره بعناية بالغة فقلت له سأكمل ذلك , قال اكمله ان كنت تعرف , وما ان بدأت الحفر حتى انكسر الغصن , قال الملا : هذه مشكلتنا : الذي لا يعرف امرا يقول بأنه يعرفه .. قلت : الحقيقة انني لم اجرب ذلك قبلا ولكني خجلت ان تتعب نفسك بذلك . تحول الحديث الصحفي الى احاديث متفرقة عن الزراعة والبنادق القديمة وكان يؤثر بندقية البرنو على غيرها .. دام اللقاء اكثر من ست ساعات .. وشعرت بأنه كان مرتاحا معنا وسألنا ان كنا صائمين فسكتنا فقد كان احدنا صائما فقط ,قال انني اقصد من سؤالي تهيئة الفطور لكم في الغد واردف : لكم دينكم ولي دين .قال : ناموا جيدا المكان هنا آمن من بغداد نفسها .. بتنا ليلتنا في تلك الغرفة الدافئة وفي صبيحة اليوم التالي كان المرحوم ادريس البارزاني يأخذنا عبر الطريق الجبلية الى الشارع العام وكنا نقول لبعضنا : القائد الحقيقي يجب ان يكون هكذا في خلقه وبساطته .. لقد احببته منذ ذلك اليوم ولم اكن اعلم انها فرصة تأريخية للقاء قائد تأريخي جليل كالبارزاني رحمه الله . وفي تموز عام 2003 وقفت امام تمثاله في دهوك وقلت: لمثل هؤلاء الرجال تكون التماثيل . rn*اعلامي عراقي وسفير سابق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram