حسين عبدالرازقوجهت أحزاب الائتلاف الديمقراطي (حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدي وحزب الوفد والحزب العربي الديمقراطي الناصري وحزب الجبهة الديمقراطية) الدعوة لأكثر من 100 من القيادات السياسية والحزبية والفكرية والنقابية وقيادات المجتمع المدني - ما يزيد علي نصفهم من غير أحزاب الائتلاف الديمقراطي - للمشاركة في (مؤتمر الإصلاح الدستوري) الذي عقد يوم السبت الماضي (13 مارس) تحت شعار (البديل الآمن للوطن)، والذين شاركوا في هذا المؤتمر أو تابعوا مناقشاته،
أدركوا عمق الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها مصر في ظل احتكار الحزب الوطني ورئيسه للسلطة لمدة تزيد علي ثلاثة عقود، وضرورة التغيير بدءا بالتغيير الدستوري والسياسي كمدخل للتغيير الشامل من أجل مجتمع أفضل يقوم علي دولة مدنية ودستور مدني ديمقراطي وتحقيق العدل الاجتماعي وحقوق المواطنة كاملة لجميع المصريين، وتوفير الحريات العامة والخاصة وصيانة حقوق الإنسان طبقا للمواثيق والاتفاقات والعهود الدولية، وضمان التداول السلمي للسلطة، وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية تنحاز لمصالح الوطن والشعب، وتهيئة المناخ الدافع لمشاركة المواطن المصري في مواجهة المشاكل المتراكمة والمتفاقمة التي تمسك بخناق الوطن.وبينما المؤتمرون منغمسون في النقاش ومحاولة بلورة برنامج العمل والحركة من أجل التغيير، والحرص على دعوة جميع الأحزاب والقوى والتجمعات والحركات الاحتجاجية للعمل معا من أجل التغيير.. كان هناك من يدبر ويخطط لإطفاء أي بصيص نور يؤدي إلي فتح باب التغيير والإصلاح، وهكذا نشرت صحيفة المصري اليوم في صدر صفحتها الأولى خبرا يقول عنوانه (المانشيت) (صفقة بين الوطني والوفد تضمن 23 مقعدا للوفديين في البرلمان مقابل تحجيم الإخوان وعدم التعاطف مع البرادعي)، والخبر جزء من مقال كتبه (د. عمار علي حسن) في نصف صفحة 9 في نفس الصحيفة، والخبر - إذا صح - ينسف كل ما تحقق في (مؤتمر الإصلاح الدستوري) ويثير الشك والخلاف بين أحزاب الائتلاف الديمقراطي ويصادر إمكانية أن تعمل كل قوى التغيير معا.ولكن الحقيقة أن الخبر سقطة صحفية وسياسية بامتياز، فالخبر لا يتمتع بأي مصداقية، فمصدره (قيادي وفدي بارز) حسب الصحيفة، أي أنه مصدر مجهول، يذكّر من كان له شرف الاعتقال والمحاكمة السياسية في السبعينات عندما كانت مباحث أمن الدولة تقدم مذكرة تحريات ضد من تقبض عليهم تتضمن اتهامات عديدة تصل للتآمر على قلب نظام الحكم والدستور استنادا إلي (مصادر) ترفض الكشف عنها، وبالتالي استبعد القضاء المصري كل ما هو منسوب لهذه المصادر المجهولة، إضافة إلي وقوع محرر الخبر في أخطاء ساذجة مثل ذكر اسم مرشح الوفد الذي يزعم أن (الصفقة) تضمنت إخلاء إحدى الدوائر له، بينما يعلم القاصي والداني أن مرشح الوفد في هذه الدائرة هو شخص آخر.وتوقيت النشر عن هذه الصفقة المزعومة، والتي لم يحدد الخبر تاريخها ومن من الوفد والوطني قام بالمباحثات التي أدت إلي إبرامها، يشير بوضوح إلي أن هدفها الشوشرة علي مؤتمر أحزاب الائتلاف الديمقراطي لإصلاح الدستور، ومحاولة إجهاض نتائجه الإيجابية، فالخبر تم تحريره ودفعه للمطبعة والمؤتمر منعقد (السبت 13 مارس) ونشر في اليوم التالي (الأحد 14 مارس) ولجنة صياغة البيان الختامي للمؤتمر تبدأ اجتماعاتها، وقبل 24 ساعة من المؤتمر الصحفي لرؤساء الأحزاب الأربعة لإعلان البيان الختامي (الاثنين 15 مارس).ومما يؤكد أن هناك خطة واضحة يجري تنفيذها - بصرف النظر عن صدق ما نشر أو كذبه - إصرار (المصري اليوم) على متابعة النشر رغم النفي الرسمي للوفد وتقديمها لبلاغ للنائب العام يتهم فيها (المصري اليوم) ومحرر الخبر والمقال بارتكاب جرائم القذف والسبة ونشر أخبار كاذبة، فعناوين المصري اليوم في الصفحة الأولى والرابعة كانت علي النحو التالي.. جدل في الأوساط السياسية بعد كشف صفقة الوطني الوفد - الكشف عن صفقة (الوطني والوفد) يهز الأوساط السياسية - خبراء صفقات الوطني مع الإخوان أكثر منطقية - وصف الإخوان بصفقة (الوطني والوفد) بـ (المشينة) ويطالبون المعارضة بالاتحاد، وهكذا.ودخلت صحف (خاصة) أخرى على نفس الخط، والهدف الواضح هو محاولة إجهاض نتائج مؤتمر الإصلاح الدستوري، والتشهير بأحزاب المعارضة، والأحزاب عامة، وكراهية الأحزاب ومحاولة هدمها ليس جهدا حكوميا فقط، ولكن هناك تيار من بعض (غير المنتمين) أو (المستقلين) يكرس جهده لنفس الهدف، رغم أنه يقدم نفسه كمعارض!. وليس معنى كلامي أن الأحزاب المعارضة وأحزاب الائتلاف الديمقراطي الأربعة تحديدا فوق النقد أو بلا أخطاء، فالمؤكد أن هناك انتقادات أساسية يمكن توجيهها لكل حزب علي حدة وللأحزاب الأربعة مجتمعة، ووثائق حزب التجمع مليئة بأشكال النقد الذاتي منذ تأسيسه. وليس كافيا المواجهة الإعلامية والسياسية لهذه السقطة الصحفية، فلابد من أن يقول القضاء كلمته في ارتكاب صحفي أو صحيفة لجرائم الخبر الكاذب والقذف والسب، ولابد أن تطبق نقابة الصحفيين ميثاق الشرف الصحفي وتسأل محرر الخبر وكاتب المقال ورئيس التحرير المسؤول، فالتدهور الحاصل في الوسط الصحفي والحياة السياسية يحتاج لمواجهة حاسمة.
لليسار در:الخبر الكاذب
نشر في: 17 مارس, 2010: 04:53 م