محمد الربيعيترتبط فلسفة التعليم العالي في اية دولة متطورة بتطور المجتمع وتقدمه، وذلك لان الجامعات هي المعقل الاساسي والرئيسي لبناء القدرات والمهارات وتطوير وتحسين اداء الافراد في المجتمع. والفرق بين المجتمعات هو فرق الانسان بما يحمله من علم وفكر وثقافة وقدرة على الابداع والانتاج والتطوير.
واقع الحال في العراق، والامر بات عاديا في مجتمع غير مستقر، ان ادوار الجامعة قد تقلصت في بناء الانسان فهي تواجه مشكلات كثيرة يعرفها القائمون عليها وتحديات جسام تكبل من دورها وتعيق حركتها، وهي تحديات ترتبط بواقع المجتمع العراقي الذي يحمل اثقالا كبيرة تحول من دخوله الى عالم مجتمع المعرفة وانتاجها وبالتالي تحويلها الى قوة اقتصادية واجتماعية ترقى بالبلاد الى مصاف الدول المتطورة. ولربما اهم هذه التحديات هي تنمية مهارات الانسان وتطوير اداءه وهي من مهمات الجامعات وعلى عاتقها يقع توفير اليات ونظم تستند الى تقنيات المعرفة لتساعد الانسان العراقي دخول مجتمع المعرفة والمشاركة في انتاج المعارف العالمية. ولكي تتجاوز الجامعات العراقية حالتها الراهنة تحتاج الى خطط واضحة ومنهجية علمية، ووضع ضوابط لتقنين عملية الاخذ بتجارب الجامعات المتطورة لتطوير التعليم العالي العراقي. ومن الملاحظ انه على الرغم من محاولات منح الجامعات استقلالية نسبية، وهي محاولات جدية وتنم عن ارادة متفهمة لضرورة التغيير، نرى ضعف استغلال هذه الاستقلالية لتطوير عملها والتخلص من مشكلاتها التي تمنعها من اداء رسالتها بحيث تساير الجامعات الاخرى لان مثل هذا الهدف لا يتحقق الا بإصلاح القوانين والتشريعات واللوائح المنظمة لشؤون الجامعات وزيادة التمويل المالي بدرجة كبيرة وضع خطة استراتيجية جديدة وآليات تنفيذ لتطوير الجامعات في العراق بحيث تصبح الجامعات بالإضافة إلى كونها مؤسسات أكاديمية اجهزة تدريب لاشباع مطالب سوق العمل الوطني وانتاج المعارف بمستوى الاسواق العالمية وبتطبيق معايير الجودة والتميز. ويحتاج نظام الاصلاح الى قيادات سياسية وادارية وجامعية تفهم قيمة الاصلاح وضرورته وتدرك الحاجة الى مراجعة النظام الجامعي باهدافه وبرامجه وطرقه من منظور الجودة ومن حيث ملائمته لسوق العمل واحتياجات المجتمع، وبما تتطلبه مهمة الجامعة في التنوير والتثقيف ضد الافكار الظلامية والتعصب والغاء الاخر. كما لابد لهذه القيادات من معالجة مشكلة جمود الهيكل التنظيمي لنظام التعليم العالي. ولعله من المفيد ايضا التأكيد على هدف اساسي في عصر ثورة المعلومات والتكنولوجيا وهو ضرورة التكيف السريع مع التغيرات المعرفية العالمية، وما يستلزمه ذلك من تطوير وتنمية اعضاء هيئات التدريس مهنيا وعلميا وثقافيا، واعتبار البحث العلمي عامل اساسي في انتاج المعرفة ومن خلاله تتفاضل الجامعات وبه يتميز عضو هيئة التدريس. rnلماذا الاصلاح؟الاصلاح عملية ضرورية للتعليم العالي في العراق كما كانت عليه البريسترويكا، اي اعادة البناء بشكل صحيح سليم، بعيدا عن الترميم والترقيع، بناء مبني على اسس علمية كما تبنى عليه الجامعات في الدول المتطورة، بناء على الصراحة والموضوعية، وهو بناء يحتاج الى تفكيك وتهديم بعض اجزاء النظام القديم، فلا اصلاح بدون تهديم، والاصلاح لا يتحقق بدون دفع ثمن سياسي واجتماعي ومالي وقد يكون الثمن باهظا لذلك يتطلب الاصلاح ارادة وقوة وجرأة وبالطبع معلومات كبيرة عن واقع الجامعات العالمية ومعرفة بمتطلبات سوق العمل وبالواقع الاقتصادي والاجتماعي. الاصلاح يوفر لنا مشروعا اكاديميا حديثا للجامعات للاندماج في عالمنا الجديد، عالم التقنيات الحديثة للتعليم والتعلم ولبناء البنية المعلوماتية والمعرفية بحيث يصبح التعليم الجامعي انعكاساً لسوق العمل وحاجة المجتمع ولتحويل المجتمع من سوق استهلاكي الى مركز للانتاج والابداع والابتكار وبالتالي الى تجديد دعائم قوتنا وترسيخ امننا الاقتصادي.ويبدو لنا كخلاصة ان المنظومة الجديدة التي سيؤدي لها اصلاح النظام الجامعي ستعتمد في مفاصلها الرئيسية على:1- المنافسة بين التدريسين داخل الجامعة وبين الجامعات 2- الإدارة اللامركزية والمرونة التنظيمية والهيكلية بحيث تكون ملائمة لقبول التغيير السريع والمستمر. 3- التعاون الأكاديمي والعلمي مع جامعات الدول المتطورة. 4- زيادة هائلة في التمويل وإيجاد مصادر اخرى للتمويل 5- تنمية مستوى كفاءات ومؤهلات التدريسين والباحثين.6-تطوير المناهج وطرائق التدريس.7- نظام فاعل لتقيم الجودة وتوفير الحوافز.rn الدعائم الاساسية للاصلاحيواجه التعليم العالي في العراق تحديات عظيمة تملي عليه الإقدام على تغييرات جذرية في الانظمة والبرامج الادارية والاكاديمية، وعمليات تجديد حتى تتمكن جامعاتنا التي تجتاز أزمة قوى بشرية ومادية عميقة أن تتجاوز الاعتبارات الاكاديمية والمالية، وتستوعب قدرة على التحفيز وابداع أكثر عمقاً ودون التقليل من اهمية ما تحقق في السنوات السابقة ولا المبالغة بها. ومن هذا يبدو لي انه لابد للجامعة العراقية من تبني وسائل وطرق تسعى لتحقيقها لكي تحقق سمعة محلية وعربية وعالمية للشهادات وسمعة عالمية للبحوث العلمية ، وذلك عن طريق امتلاك بنى تحتية شاملة تتضمن بنايات وقاعات ومختبر
هل من ضرورة لاصلاح التعليم العالي فـي العراق؟
نشر في: 17 مارس, 2010: 04:58 م