عادل العامل تشكل حركة المطبوعات في البلد، مِن توزيع و إعلان و تعريف أو عرضٍ نقدي، العمود الفقري للثقافة فيه، و هذا العمود الفقري مشلولٌ أو مفقود في العراق منذ حوالي سبع سنينٍ عجاف، ولهذا تجد الثقافة بائسةً باهتةً " مهضومة " في بلد الرشيد ومنارة المجد التليد، و مهد الحضارات و موطن العقول النيّرة، و الامكانات المادية الوفيرة، هذا مع وجود وزارة ثقافة تعبانة،
و اتحاد أدباء مسكين، و دولة كل هم المسؤولين فيها الرواتب و سجل الدوام الرسمي والوضع الأمني، بل لم يعد يهمّ حتى الأحزاب و الحركات السياسية والاجتماعية الدينية إن كانت مطبوعاتها تصل الجمهور الذي من المفترض أنه ينتخبها على ضوء أدبياتها أم لا تصل، و كم يُطبع منها أم لا يُطبَع، و كم يُباع منها أم لايُباع، و هل يعرف بها أهل المشخاب و كويسنجق أو بلدة القائم كما يعرف بها أصحابها و بعض الناس " الفضوليين " في مركزالعاصمة، أم لا! و إذا كان هناك في العراق " العظيم " مَن هو مرتاح لهذه الحالة المعيبة، فلا بد من أنه جاهل، أو فاسد، أو مشغول بأمورٍ أخرى أهم و أنفع بالتأكيد من الكلمة التي " كانت هي البدء "، كما يتحذلق البعض و يقول! و بدلاً من أن يُطبع من أي كتاب، في بلدٍ سكانه 30 مليون نسمة، أكثر من عشرة آلاف نسخة في الأقل، يُطبع من الكتاب المحظوظ ألف نسخة، أي نسخة واحدة لكل 30 ألف عراقي عظيم، و أقل من 60 نسخة لكل محافظة من محافظات ما بين النهرين، بكل أدبائها و فنانيها و ساستها و إعلاميّيها، و موظفيها، و مدَّعي الثقافة فيها، و مكتباتها العامة، و مؤسساتها الرسمية، و فروع اتحاد الأدباء و الفنانين، و مكاتب الأحزاب و المنظمات المختلفة، و المراكز الثقافية، و أكشاك بيع المطبوعات، و أبناء المحافظة الكرام! و قل الشيء نفسه عن المجلات و الصحف اليومية و الأسبوعية و الشهرية و المجّانية، حتى بلغ بنا " حب المعرفة والعلم " أن هناك من الصحف اليومية مَن تتباهى بأنها تبيع، في مثل هذه " الهلُمّة " كلها حوالي 70 أو 50 نسخة فقط يومياً في محافظةٍ تعجّ بملايين البشر الذين لم يخلقهم الله لمجرد الأكل و النوم و التناسل، بالتأكيد! بينما تبيع مجلة أطفال في الأمارات العربية 75,000 نسخة شهرياً، أو أسبوعياً في الغالب! فهل يُعقل، أو لا يتحرّج مسؤولٌ في قمة السلطة أو نائب في البرلمان، أن لا تكون في بلده العراق " العظيم " بكامله، مؤسسة، بل مؤسسات لتوزيع المطبوعات و نشر الثقافة مثلما لدينا لإشباع البطون و التجشُّؤ و تعديل المزاج المايل؟! أليست هي تجارة كبقية النشاطات الربحية، فيها أرباح، وامتيازات ووجاهات، و اختلاسات و سرقات أيضاً؟! فلمــــاذا لم ينتبه إلى هذا الأمر لحد الآن بعض " الغيورين " على الوطن و يؤسسوا لهم شركة توزيع مطبوعات، كالتي كانت لدينا، في الأقل، أيام الدكتاتورية " المعادية للثقافة "، كما اعتدنا أن نقول!
وقفة :عن النشـــر وتوزيع المطبوعات
نشر في: 17 مارس, 2010: 05:54 م