شاكر النابلسي سبق وقلنا، أن العالم العربي بعد العام 1975 - حيث حدثت الطفرة البترولية بعد حرب 1973 وإلى الآن- أصبح يُقْسـم إلى أربع طبقات:1- طبقة الأغنياء (السعوديـة، الكويت، الإمارات، العراق ]قبل الحرب العراقية الإيرانية، 1980[، ليبيا، وقطر).
2- طبقة الوسط بين الغنى والفقر (الجزائر، لبنان، عُمان، ومصر)3- طبقة الفقراء (الأردن، سوريا، تونس، المغرب، واليمن، العراق ]بعد [حرب الخليج الثانية [1991). 4- الطبقة الجائعة (السودان، الصومال، وموريتانيا).ويظل هذا التقسيم نسبياً بين الدول العربية. ولكن يبقى الفقراء على حالهم، ويزداد الأغنياء غنىً، كما نشاهد الآن بوضوح شديد.وحدة الطبقات العربيةوإذا ما تمَّت وحدة في العـالم العربي – وهو السراب البعيد - فسوف تتم الوحدة بين دول وشعوب هذه الطبقات.. كلٌ مع طبقته. وسوف يكـون من العسير في يوم من الأيـام أن يتمَّ اتحاد بين السعودية والأردن(الغني والفقير)، رغم وحدة طبيعة النظام السياسي الملكي، ووحدة الجغرافيا، ورغم صلة الجوار، ووحدة التاريخ ووحدة اللغة.. الخ. وسيكون من العسير إقامة وحدة بين السـودان (الفقير) ومصر (الوسط) لتباعدهما الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، رغم صلة الجوار. بينما هناك احتمال أن تكون وحدة بين السودان وموريتانيا (الفقراء)، لأنهمـا من طبقة واحدة - رغم تباعدهما الجغرافي - ويظل أقرب من احتمال قيام وحدة بين الجزائر (الغنية) وموريتانيا (الفقيرة)، لأنهما من طبقتين اقتصاديتين مختلفتين.rnعوامل نجاح وحدة دائمةولو تمَّت وحدة عربية خلافاً لهذه القاعدة، فسوف تكون ضد قانون التاريخ المعاصر، ولن تستمر طويلاً. والشاهد على ذلك، أن الوحدة السورية- المصرية كان يمكن لها أن تستمر للتكافؤ الاجتماعي بين البلدين رغم تباعدهما الجغرافي، لو توفَّر لها عاملان: الأول، إشاعة الحرية والديمقراطية. والثاني، ترك الإدارة السورية الداخلية للسوريين أنفسهم، وترك إدارة مصر الداخليـة للمصريين أنفسهم، والحفاظ على الشخصية والهوية المحليـة، دون إذابتها وطمسها تماماً في الشخصية القومية. وهو ما فعلته أمريكا في الاتحاد الفيدرالي، ونجحت فيه إلى حد كبير، وأقامت وحدة قوية، يزيد عمرها الآن على 250 سنة. فقد ألغت الوحدة - كما هو معروف – العَلَمين المصري والسوري، ورفعت علم الوحدة، كما ألغت اسم سوريا واستبدلته باسم "الإقليم الشمالي"، وألغت اسم مصر واستبدلته بـ "الإقليم الجنوبي". وكانت تشير إلى العراق بعـد ثورة 1958 العراقية بـ "الإقليم الشرقي". ونحن نعلم كيف كان السوريون والمصريون والعراقيون يعتزون بأسماء بلدانهم التي هي جزء من التاريخي القومي نفسه.rnأهمية الدور الاجتماعيطالما تساءل البعض عن أهمية الدور الاجتماعي العربي في وحدة العرب. وحين نقرأ بعض الأبحاث الاجتماعية العربية بهذا الخصوص، نرى هناك دوراً مهماً للعوامل الاجتماعية، كما ترى الباحثة البريطانية كريستين هلمز، Helms في بحثها عن الدولة السعودية، وتأكيدها أن التركيب القبلي في نجد كان سبباً في عدم قيام وحدة الدولة السعودية، قبل تبنّي هذه الدولة للأيديولوجية الدينية الوهابية.(أنظر: تركي الحمد، "دراسات أيديولوجية في الحالة العربية"، ص138، نقلاً عن: Christine Moss Helms, The Cohesion of Saudi Arabia.ومن الواضح، أن الوهابيين وآل سعود كانوا يدركون أنهم بصدد حركة سياسية في المقام الأول، كما يؤكد المفكر السعودي تركي الحمد، المصدر نفسه، ص 140).في حين أن الوقائـع التاريخية أثبتت، أن التركيب القبلي في نجد كان سبباً في التفاف هذه القبائل حول الدعوة السعودية، والعمل على قيام الدولة الموحدة من ناحيـة. ومن ناحية ثانية، فإن التركيب القبلي كان سبباً في تفتت أعداء هذه الدولة. وهذا ما حصل أيضاً في الإمارات العربية المتحـدة التي كانت التجربة الوحدوية الثانية الناجحة في تاريخ العرب الحديث في العام 1971.rnايجابيات التركيب القبلي فالتركيب القبلي لعب دوراً إيجابياً من ناحية، ولعب دوراً سلبياً من ناحية أخرى. وكـان المهم من أي الأبواب يجب الدخول إلى هذا التركيب الاجتماعي البدائي، الذي يبدو في ظاهره سهـل الانقياد، سيما وأنه مجتمع غير متدين تديناً متشدداً، يحكمه العُرف أكثر مما تحكمه الشريعة التي تُستغل – عادةً - سياسياً. وذلك عكس المجتمـع المدني الذي كانت له مصالح متضاربة، وتتنازعه نوازع دينية واجتماعية، وسياسية، واقتصادية.rnدور الأقليات العرقية والطائفيةوربما كانت الأقليات العرقية والطائفية سبباً من أسباب عوائق الوحدة في المجتمع الحضري (سوريا ولبنان) في حين أنها لم تكن سبباً من أسباب إعاقة الوحدة في المجتمع البدوي/الحضري المختلط. فمجتمع أهل الحجاز في النصف الأول من القرن العشرين، كان مجتمع أقليات مختلفة (باكستانيون، إيرانيون، هنود، إندونيسيون، أتراك، مالاويون، صينيون، قوقازيون، وأفارقـة وغيرهم). وهؤلاء جاءوا حجاجاً ومعتمرين، ولم يعودوا إلى أوطانهم، وشكَّلوا نسبة كبيرة من أهل الحجاز، وخاصة في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. كـذ
العرب وخاتم سليمان ومصباح علاء الدين السحري
نشر في: 19 مارس, 2010: 04:12 م