الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 23
الرئيسية > أعمدة واراء > "فرعون" الكاظمية

"فرعون" الكاظمية

نشر في: 5 نوفمبر, 2012: 08:00 م

منذ أسبوعين أخذنا على السيد حازم الأعرجي في هذا المكان بالذات انقطاعه عن الحياة والناس وعدم مبالاته بالمشاكل الكُبرى التي تعاني منها دولتنا ومجتمعنا (الإرهاب، الفقر، البطالة، الفساد المالي والإداري، الأميّة، المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية، سوء الخدمات العامة....) الى درجة انه يختار لخطبة يوم الجمعة في الحضرة الكاظمية موضوعاً ثانوياً للغاية بل لا أساس له، هو الغناء وشرب الخمور ولعب القمار والسفور في الكاظمية (إذا كان لهذه وجود ففي البيوت إذ ليس في الكاظمية كما نعرف ملهى ليلي أو حانة أو نادٍ للعب القمار).

يومها كان الأعرجي قد هدّد بالدعاء على المسؤولين الحكوميين ما لم يتجندوا (ربما تحت رايته) لملاحقة السافرات والمغنين وشاربي الخمور ولاعبي القمار (الموجودين في مخيلته التي تتصور وجود ما لا وجود له في شوارع الكاظمية)، ودعوناه إلى أن يدعو –مادامت لديه الثقة بان أدعيته مُجابة من الله والأنبياء والأئمة– لتخليصنا من الإرهاب والإرهابيين والفساد والفاسدين خصوصاً فيكون قد قدّم خدمة لا تقدر بثمن لثلاثين مليون عراقي.

لكن السيد الأعرجي بدلاً من ذلك اختار أن يمضي أبعد مما هدد به (الدعاء)، فقد نزل الى الشارع وأخذ يتجول بين الدكاكين التي تبيع الأشرطة الفنية غير مكتف بالحديث إلى الباعة عما سماه "حرمة" تجارتهم، وإنما اتّبع أسلوباً لا يخلو من إشارات الترهيب بتكسير الأشرطة علناً أمام الدكاكين (بعدما اشترى بعضاً منها)!

ليس في الإمكان وصف عمل السيد الاعرجي إلا بأنه خروج عن القانون.. فرجل الدين يقوم هنا بأخذ القانون بيديه من دون تخويل من صاحب الشأن المكلف بتشريع القوانين وتطبيقها (الدولة).

هذا عمل غير مبرر وغير مقبول، مثله مثل أن يقوم شخص آخر لديه موقف مخالف بأن يجلب فرقة رقص أو غناء إلى شوارع الكاظمية، أو أن يشتري ويكسر علناً الأشرطة التي تتضمن خطباً وأدعية دينية ويدعو الباعة إلى عدم التعامل بها، فهل سيقبل السيد الأعرجي بهذا؟ ألن يستصرخ الدولة للضرب بيد من حديد على فاعل مفترض كهذا؟

استناداً إلى أي دستور وطبقاً إلى أي قانون شرّعه مجلس النواب أو قرار اتخذته الحكومة قام الاعرجي بفعلته هذه؟ وبأي حق يتفرعن السيد الاعرجي على الناس فيُرهب باعة الأشرطة الفنية ومشتريها بهذه الطريقة؟

السيد الاعرجي من قيادات التيار الصدري وكان عليه أن يفكر مئة مرة قبل الإقدام على فعل يمكن أن يتسبب في جلب النفور والكراهية لتياره.

الدولة من جانبها، وهي المكلفة والمفوضة من المجتمع بإدارته وحفظ السلم الأهلي، مطالبة بأن نرغم السيد الأعرجي على الالتزام بدستور البلاد وقوانينها، وإلا فانه وأمثاله لن يترددوا لاحقاً في أن يقتحموا علينا بيوتنا ويروّعوا عائلاتنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. الحق يُقال

    أستاذ عدنان أنك تقول: منذ أسبوعين أخذنا على السيد حازم الأعرجي في هذا المكان بالذات انقطاعه عن الحياة والناس وعدم مبالاته بالمشاكل الكُبرى التي تعاني منها دولتنا ومجتمعنا (الإرهاب، الفقر، البطالة، الفساد المالي والإداري، الأميّة، المحاصصة الطائفية والقومي

  2. ابو زبيدة

    ليش ما نذكر الاعرجي ومن امثاله بالآية : وما جعلناك عليهم بوكيل . اذا الله يقول لنبيه محمد هكذا من وكل هذا وغيره ان يكونوا وكلاء على العباد؟

  3. حامد المختار

    تحية طيبة لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي.كما أن الاعرجي يريد ان يطبق ما موجود في بلاد اسياده(ملالي ايران).

يحدث الآن

"يومياتهم 20 مليون دينار" .. 6 آلاف موظف في العراق يحتكرون ثلث الرواتب

مدراء المدارس يقدمون طلبات إعفاء جماعي.. والمعلمون يلوحون بمقاطعة أمرين!

السيد الصدر يوجه اتباعه بتحديث بطاقة الناخب!

العمود الثامن: روسو يتطلع إلى بغداد

قاعة الإبراهيمي تضيف معرضاً شخصياً للتشكيلي الرائد سعد الطائي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

من يونيتاد الى المحكمة الجنائية الدولية..العدالة الدولية تحت المطرقة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

هلال العيد.. جدل متجدد بين الفقه والعلم وثقافة الاختلاف

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

العمود الثامن: روسو يتطلع إلى بغداد

 علي حسين ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور للدولة العادلة، لم يوفق أفلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتابا بعنوان "الجمهورية" تاركا المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي...
علي حسين

قناديل: مقالةٌ عن المقالة !!

 لطفية الدليمي لِما يزيدُ عن الخمس عشرة سنة وأنا مواظبةٌ على كتابة مقالة أسبوعية في (المدى). اليوم سأروي بعضاً من مسرّات وشجون كتابة المقالة. حتى عام 2009 كنتُ أكتبُ مقالاتٍ متفرّقة في موضوعات...
لطفية الدليمي

قناطر: أغنيةُ أبي

طالب عبد العزيز حزينٌ، لأنني ما زلتُ ألتذُّ بسماع الموسيقى القديمة، وأقرأُ الاجملَ في كتبي القديمة، وأشاهد الأفضل من الأفلام القديمة، وأتذكرُ الاحسنَ المتحضرَ من الأمكنة؛ والمدن القديمة، وحزينٌ جداً لأنَّ النظام السياسي –الديني-...
طالب عبد العزيز

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

حسن الجنابي انتقل القاضي الدولي كريم خان في عام 2021 الى منصب رفيع آخر هو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وسيستمر في المنصب لمدة تسعة أعوام أي حتى عام 2030. وواضح أن الرجل...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram