الشيخ عبود الهيمص احدى شخصيات العهد الملكي وقد عاصراحداثاً ورجالاً في مختلف العهود، العهد العثماني، عهدي الاحتلال والانتداب، العهد الملكي والعهد الجمهوري وقد تسنى لي الاتصال عن قرب باكثـر رجالات الدولة وبعض رؤسائها وقادتها، في مذكراته التي نشرت في بيروت قبل سنوات يتناول هذا السياسي الراحل بعض رجالات الحكم الذين ارتبط معهم بعلاقات شخصية . ذاكرة عراقية تجتزئ صفحات من هذه المذكرات لما فيها من حوادث مهمه في تاريخ العراق المعاصر
الملك غازينصب الامير غازي ملكاً على عرش العراق بعد وفاة والده فيصل الاول في 8/9/1933 وكان شاباً قليل التجربة احاطت به زمرة من رفقاء السوء، فانصرف الى اللهو دون مراعاة لمقامه كملك، فكان موضع نقد وتجريح من قبل افراد العائلة المالكة ومن رجال السياسة من العراقيين المخلصين الحريصين على مصلحة البلاد وسمعة العائلة المالكة ، ومما اضطر رئيس الوزراء ياسين الهاشمي الى اصدار مرسوم الاسرة المالكة رقم 75 لسنة 1963 لصيانة العائلة المالكة مما يسيء الى سمعتها.وكان قد بلغني في حينه ان الملكة عالية- زوج الملك غازي- قد اشتكت من تصرفات زوجها الى السيد محمد الصدر بصفته من المخلصين للعرش والموالين للبيت الهاشمي ونظراً لمكانة السيد الصدر الدينية والاجتماعية والسياسية يضاف الى ذلك كبر سنه وتجاربه في الحياة، فهو استناداً الى هذه الصفات والمزايا يستطيع ان يؤثر على الملك الشاب ويحمله على الكف عن ممارسة بعض الاعمال والتصرفات وبالرغم من الجهود التي بذلت في هذا المجال، فلم تسفر الى اية نتيجة مرضية، بل كانت موضع غضب رجال السياسة وفي مقدمتهم ياسين الهاشمي، وخيبة آمالهم.لقد انتهز خصوم الوزارة الهاشمية هذا الجو المضطرب فعملوا على زرع الشكوك بين الملك غازي وياسين الهاشمي وتعميق الهوة بينهما، مما جعل الملك غازي يضمر النقمة والحقد على الهاشمي ووزارته، ومما زاد في هذه النقمة اضافة الى صدور المرسوم الذي اشرنا اليه سابقاً، قرار الحكومة بابعاد سائق الملك الخاص الى شمال العراق لاعتقاد المسؤولين بان هذا السائق كان السبب في حصول بعض الامور التي تلحق الضرر بسمعة العرش وصاحب العرش.وهنا أود ان اذكر امانة للتاريخ ان للملك غازي من جراء تفاقم المشكلات العامة امامه، وانصرافه الى شؤونه الشخصية، ادى الى اهمال شؤون بيته وافراد عائلته مما اضطر الحكومة الى تخصيص احدى الدور التابعة لمديرية السكك الحديد العامة في منطقة الصالحية لايواء شقيقتيه الاميرتين، وقد ترتب على هذا الامر ضرورة رصد مبلغ ثلاثة آلاف دينار في ميزانية عام 1936 المالية، لتامين معيشتهما، ولما كان ذلك يتطلب موافقة المجلس النيابي، فقد عرضت الفقرة الخاصة بارصاد هذا المبلغ عند مناقشة الميزانية في المجلس النيابي من قبل لجنة الميزانية في المجلس المذكور، وبناء على ذلك ولكوني عضواً في هذا المجلس كانت اللجنة مؤلفة من السادة: حامد النقيب، سليمان فيضي، عبد المهدي المنتفكي، ومحمد علي محمود. اما سكرتير اللجنة فكان ابراهيم رحيم.جرت المناقشة، التي حضرها كل من وزير المالية السيد رؤوف البحراني ووزير الاشغال والمواصلات محمد امين زكي، وقد اعترضوا على المخصصات المرصدة لاعاشة الاميرات اعضاء اللجنة ورفضوا الموافقة عليها لدواع، منها ان الملك ملزم شرعاً باعالة شقيقاته ولا يجوز فتح باب لتخصيص مبالغ اضافية لاعالة بعض افراد العائلة المالكة ولما تأزم الموقف اضطر السادة الوزراء الذين حضروا جلسات اللجنة المالية الى الاتصال هاتفياً برئيس الوزراء السيد ياسين الهاشمي طالبين منه الحضور انقاذاً للموقف، ولم يلبث الهاشمي ان حضر بعد دقائق، حيث كانت داره قريبة ومجاورة لبناية المجلس النيابي عرض عليه الوزراء ما دار من نقاش في اللجنة ورفضها الموافقة على هذه التخصيصات فرد الهاشمي قائلاً: "ان ما قاله الاخوان وذهبوا اليه هو الصحيح من النواحي الشرعية والقانونية والاجتماعية ولكن: يا اخوان، ان لكل امر من الامور عدة وجوه فالوجهة التي ذكرتموها لا غبار عليها، ولكن دعونا ننظر الى هذه القضية من الوجه الثاني، وهو ان جلالة الملك غازي عليه التزامات وواجبات جعلته يضطر الى ترك شقيقاته الاميرات واهمال رعايته لهن وهن بنات الملك فيصل الاول مؤسس الدولة العراقية ومن سلالة اشراف مكة المتفق بالاجماع على انتسابهم الى الرسول (ص) فهل تقبل غيرتكم وشرفكم ان نتركهن على هذه الحال؟ ولهذا ارجو اعادة النظر في الامر والموافقة على تخصيص المبلغ. ولم ير اعضاء اللجنة ازاء هذه الحقائق التي طرحها السيد الهاشمي الا الموافقة.هذه الامور وغيرها ومحاولة الوزارة الهاشمية الحد من تصرفات الملك غازي وتصرفات الحاشية السيئة المحيطة به وانتهاز بعض العناصر المتربصة ادت الى الانقلاب الذي قاده الفريق بكر صدقي يوم 29/10/1936 واسقاط وزارة ياسين الهاشمي الثانية وبالرغم من كل ما قيل فقد كان الملك غازي ذا نزعات وطنية وطموحات قومية كانت موضع سخط وغضب السلطات الاستعمارية ورجال السفارة البريطانية التي ساعدت على ترويج الاشاعات والتلفيقات ضد الملك غازي.الامير عبد الالهفي احد الايام من شهر مايس سنة 1958 زارني في داري في محلة السعدون السيد محسن ابو طبيخ والسيد محمد صادق الصدر من اعضاء مجلس الاعيان وهي زيارة اعتيادية وفي الساعة الخامسة في عصر ذلك اليوم فوجئنا بزيارة (المستر فول) المستشار في السفارة البريطانية بب
من مذكرات عبود الهيمص..شخصيات واحداث
نشر في: 21 مارس, 2010: 04:43 م