وأخيراً حصد العراقيون النتائج المبهرة لمرحلة الانجاز العظيم لمجلس محافظة بغداد، بعد أن توهم المغرضون من أمثالي ان المجلس وأعضاءه يغطون في نوم عميق، فإذا بتقرير اليونسكو يعلن بوضوح أن اكبر انجاز تحقق خلال السنوات الماضية، هو حصول العاصمة بغداد على المرتبة الثالثة من بين أكثر عواصم العالم وساخة ونفايات وتلوثا بيئيا، وبعد ان كان هذا الانجاز مجرد همهمات وهمسات في غرف مغلقة، خرج الى العلن وطفح على السطح، ليثبت للعالم كيف أن سياسيينا الشجعان استطاعوا وللمرة الرابعة على التوالي ان يحققوا لبغداد مركزها المتقدم في قائمة المدن الأسوأ، التقرير الذي نشرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، أو ما يعرف اختصاراً بالـيونسكو يمنح بغداد المركز الثالث في انتشار القمامة والتلوث.. إلا أن القائمين على التقرير فاتهم للأسف ان يعرفوا ان بغداد ومعها مدن العراق دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية في مجال الرشوة وسرقة المال العام والتزوير. 

ما الذي ستقوله محافظة بغداد عن هذا التقرير الدولي، حتما الحاجان كامل الزيدي وصلاح عبد الرزاق سيتهمان جهات  أجنبية بتشويه صورة بغداد امام العالم، فالعاصمة تعيش ازهى عصور النظافة شكلا ومضمونا، المشاريع الخدمية فاقت الوصف، مراكز الترفيه أصبحت لا تعد ولا تحصى حتى ان الزائر لبغداد يحتار اين يقضي أماسيه، وسيقرر المجلس اصدار بيان ثوري يناشد فيه اهالي بغداد ألا يصدقوا ما تقوله المنظمات الدولية التي تريد تخريب مسيرة التطور والتقدم التي تشهدها البلاد، وسيطلق اعضاء المجلس العنان لخيالهم وهم يتحدثون عن المستقبل الوردي الذي ينتظر أهالي العاصمة في الأيام القادمة، وسيقترح البعض تنظيم حملة للدعاء على واضعي هذا التقرير الذي يسيء لمكانة بغداد اليوم، أسوة بالحملة التي يقودها السيد حازم الأعرجي في الدعاء على الحكومة لأنها لا تريد أن تمنع الغناء والموسيقى والمسلسلات وتعتقد انها حلال بينما يقسم الرجل بأغلظ الأيمان أن من يضحك على مشهد من مسرحيات عادل إمام فنهايته جهنم وبئس المصير، إذ كيف يتسنى للعراقيين الضحك والفرح وسماع الغناء وهم يعيشون في ظل بلوى اسمها "سياسيي الصدفة". 

والان دعونا نتساءل؛ كيف استطاعت هذه المنظمة العميلة "اليونسكو" ان تحرف الحقائق وتضعنا في المراتب الأولى للنفايات والوساخة، والعاصمة تعيش أزهى عصور الخدمات والنظافة والرفاهية الاجتماعية.

لا أدري من أين يتأتي لهذه المنظمة كل هذه القدرة على تحريف الامور والاستخفاف بالحقائق التي تؤكد ان اهالي العاصمة بغداد خرجوا في مسيرة مليونية يهتفون بحياة اعضاء المجلس، حتما انه سيناريو شرير تقوده امريكا ومعها الغرب الكافر الذي يريد التأثير على شعبية المحافظ صلاح عبد الرزاق الذي يسعى للحصول على لقب أفضل عمدة عاصمة في العالم.   

اعتقد أن تقرير اليونسكو جاء من  رحم مخطط خبث، حين تسللت أصوات معارضي التجربة العراقية الجديدة الى المنظمات الدولية والإعلام ليشككوا بحجم الانجازات العملاقة التي تحقق خلال السنوات الماضية، ولذلك كان ضروريا بالنسبة لاهالي العاصمة ان يمارسوا نوعا من الرفض المعلن لهذه التقارير "الخبيثة" فهي تمثل خطرا عليهم وتهدد خطة مجلس محافظة بغداد بالإعمار والازدهار  فاليونسكو، وغيرها من المنظمات تريد ممارسة  نوع من التطهير العرقي ضد صناديد مجلس المحافظة من خلال تحريف الحقائق وتزييف الوقائع وصولا إلى بث الشك في نفوس أهالي العاصمة في الانجازات والخدمات التي قدمها ويقدمها مجلس المحافظة مشكورا.

لو جاز لي أن لأعضاء الـ57 لمجلس المحافظة لقلت لهم: لقد أديتم مهمتكم في تدمير بغداد وتخريبها على أكمل وجه والرجاء ان تتركونا لان الأمر زاد عن حده.

أما الكارثة الحقيقية فهي أن حالة الصمت والخمول التي يعيشها ابناء العاصمة بغداد، والذين يبدون اليوم وكأنهم خارجون عن الزمن، أو في أفضل الأحوال يجلسون متسمرين على مقاعد متهالكة مليئة بالمسامير لمشاهدة، ما يجري أمامهم من سيناريوهات رديئة دون أن يحركوا ساكنا، أو حتى يشعروا بوخز المسامير تحتهم.

وأحسب أن شر ما ابتلي به اهالي العاصمة انهم  صاروا يتلعثمون كثيرا فى قراءة تاريخ مدينتهم ومكانتها، لانها اصبحت اليوم اكثر بؤسا لأسباب من صنع ايادي القائمين على ادارتها، وأمام مثل هذه التقارير المخجلة  مطلوب من اهالي بغداد جميعا، ان يجيبونا على سؤال واحد: لماذا الصمت؟