TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نقطة ضوء: والكرد عراقيون أيضاً

نقطة ضوء: والكرد عراقيون أيضاً

نشر في: 21 مارس, 2010: 06:56 م

حازم مبيضيننشعر بالحزن والإحباط ونحن نتابع تصريحات بعض السياسيين العراقيين التي انطلقت بعد الانتخابات النيابية الأخيرة،  وهي تضع المواصفات لشاغل منصب رئيس الجمهورية القادم ،  لتكشف أن هؤلاء لم يخرجوا من تحت عباءة نظام صدام حسين،  ولتكشف أن أفكار تلك المرحلة ما زالت تعشش في أذهانهم بما فيها من شوفينية وإحساس فارغ بالتفوق،
  وكأنهم يرغبون بإعادة العراق إلى تلك المرحلة المظلمة،  التي ساد فيها التفريق البغيض بين مكونات الشعب العراقي،  فامتاز بعضهم عن الآخرين لمجرد انتمائه إلى مذهب بعينه،  وسحقت القوميات الاخرى رغم أنها أصيلة في عراقيتها،  لصالح قومية الرئيس القائد التي كان تمجيدها صلاة مفروضة على العراقيين،  مقابل الحط من قدر القوميات الاخرى التي يشكل انتماؤها للعراق مصدر غنىً يؤكد احترام التعددية كمرحلة أساس من مراحل التحول إلى نظام ديمقراطي بديل للنظام الدكتاتوري. لسنا بالتأكيد ضد أن يكون الرئيس العراقي عربياً سنياً أو شيعياً،  أو مسيحياً،  أو صابئياً،  لكن على الآخرين التوقف عن الحديث عن القومية الكردية وكأنها أمر طارئ في بلاد الرافدين،  وكأنها معادية للقوميات الاخرى التي يتكون منها الشعب العراقي،  كما أن عليهم التوقف مرةً واحدةً وإلى الابد عن النظر إلى قومية أو دين أو مذهب أي مرشح لاي منصب،  والنظر إليه باعتباره عراقياً فقط،  هذا إن كان الساسة يتطلعون إلى عراق جديد ديمقراطي وتعددي وبعيد عن الافكار الشوفينية التي لن تورث غير العداء،  وهي نفس الأفكار التي حاربها هؤلاء الساسة حين كانت نهجاً للبعثيين، الذين لم يتورعوا عن استعمال الاسلحة الكيماوية ضد أبناء القومية الكردية لانهم يطالبون بحقوقهم القومية ضمن الدولة العراقية،  والمؤسف أن تصريحات بعض السياسيين عن ضرورة أن يكون الرئيس العراقي عربياً سنياً تتزامن مع ذكرى مأساة ومجزرة حلبجة  ضد الكرد التي اقترفها نظام البعث العربي، وقائده السني صدام حسين.ثمة ملاحظة يبدو أنها تغيب عن كل السياسيين الذين يقترفون خطيئة الاساءة للكرد، وهي تتمثل في أنهم يتمسكون بجنسية الدولة التي يعيشون فيها،  في حال حصلوا على حقوقهم الثقافية والسياسية،  ويقدمون انتماءهم لجنسية تلك الدولة على تمسكهم بقوميتهم التي يزداد تعلقهم بها كلما تعرضوا للاضطهاد والظلم والتمييز، ولعل المثال يبدو شديد الوضوح في الاردن التي خرج من بين صفوف أكرادها رئيس للوزراء،  وعدد من الوزراء والقادة الكبار في الجيش، وبمعنى أن قوميتهم لم تمنع من وصول بعضهم الى أعلى المراتب الحكومية،  وهم يؤكدون أنهم اردنيون أولاً وأكراد يعتزون بقوميتهم ولايتخلون عن الولاء للاثنتين،  وفي مصر يبدو المثال شديد الوضوح أيضاً،  حيث وصل العديد من الكرد إلى مواقع متقدمة في الدولة وأبدع بعضهم في المجال الثقافي،  وتقدم على المصريين درجات،  والمثال قائم في الشاعر أحمد شوقي،  والكاتب عباس محمود العقاد،  ومثلهم كثيرون. الكرد عراقيون مثل العرب سنة كانوا أم شيعة،  ومثل الصابئة والمسيحيين والتركمان، وللجميع حقوق متساوية أمام الدستور وقبله بين يدي مواطنتهم،  وليس من حق أحد أن يحدد دين أو قومية أو مذهب من يشغل هذا الموقع أو ذاك في قمة هرم الدولة العراقية،  لكن من حق الجميع السعي بالوسائل السياسية والدستورية لاشغال أي من هذه المناصب،  وليس من حق أحد إشهار الفيتو على شخص بسبب قوميته أو دينه،  كما ليس من حق أحد اعتبار هذا الموقع أو ذاك حكراً على قومية بعينها أو واحد من المذاهب أو الاديان،  فالعراق لكل مواطنيه إن أراد العراقيون بناء وطنهم على أساس صحيح تكون فيه المواطنة أعلى قيمة من كل ما عداها. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram