حازم مبيضين شعرت بالرضى وأنا أطالع صور الدكتور أحمد محمد الطيب بعد تعيينه شيخاً للأزهر من دون لحية مرتدياً البدلة وربطة العنق، لكنني صدمت وأنا أقرأ له تصريحاً قال فيه إنه سوف يطلق العنان للحيته ويرتدي عمامة بيضاء حول طاقية حمراء، ويعتمد الزيّ الأزهري وهو الجبة والقفطان, وبرر ذلك بأنه جرى العرف على ان شيخ الأزهر له لحية، وهو شيء مطلوب،
كما هو مطلوب أيضاً ارتداء الزي الأزهري، لان عكس ذلك سيصدم الشعور العام, وشعرت بالصدمة تشتد وأنا أقرأ له ما يشبه الاعتذار عن دراسته للدكتوراه في جامعة السوربون مشيراً إلى أنه قام بتحضير دراسته في الأزهر، ولكنه تردد على السوربون مرتين الأولى لسنة، والثانية 7 اشهر، لأن جزءًاً كبيراً من الرسالة كان باللغة الفرنسية حول الشخصية التي كان يدرسها.لايجادل أحد في حق الشيخ الطيب في اختيار الزي الذي يريحه, لكنني أجادل في اعتباره الزي الذي اختاره مفروضاً على شيخ الازهر, ونسأله ماذا كان سينقص من علمه وقيمة فتاواه لو ظل مرتدياً ربطة العنق, وماإذا كانت البذلة ستنتقص من هيبته, وهي لو كانت كذلك لمنعت اختياره الموقع, ونشير هنا إلى اختلاف الزي الذي يرتديه رجال الدين بين قطر وآخر, فالعمامة المعتمدة في مصر ليست متداولة في السعودية، وهي مختلفة بالشكل عن التي يستعملونها في سوريا التي يرتدي فيها الشيوخ ربطة العنق تحت الجبة والعمامة، بينما في مصر لايفعلون ذلك, والمهم أن شكل الزي, وسواء كان بعمامة أو بدونها لايضيف للعلم شيئاً, وأن عدم اللجوء إليها لاينتقص من الهيبة أو العلم مثقال ذرة واحدة.يعرف الشيخ الطيب أن البذلة وربطة العنق لم تكونا معروفتين زمن الرسول عليه السلام والصحابة, وليس بمقدور أحد الجزم إن كان النبي عليه السلام لن يرتديهما لو كانتا متوفرتين, ويعرف شيخ الازهر أن العادة كانت أن يطلق الرجال لحاهم, ولو لم يكن الامر كذلك فمن الذي يستطيع الجزم بأن الرسول كان سيطيل لحيته, ولن يحلقها يومياً قبل مغادرة عتبة بيته ليكون في أبهى صورة في أعين تابعيه من المؤمنين الذين كانوا سيعتبرون ذلك سنة حميدة, يسيرون عليها أسوة بالرسول الكريم, ولو كانت أدوات الحلاقة المتوفرة اليوم, متوفرة زمن الرسول والصحابة, فمن الذي يمكنه إقناعنا بأنهم لن يستعملوها كما نفعل هذه الايام.يبالغ شيخ الأزهر حين يشدد على أنه لابد من العمل على أن يكون الأزهر المرجعية العليا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأنه الحارس لوسطية الإسلام والمسلمين. وأنه كان بمثابة الجهة الواحدة التي ولى المسلمون وجهوهم شطرها في مسألة الثقافة والفكر والقرآن والتفسير, فهو بذلك يلغي جهود واجتهادات منابر علمية دينية تنتشر في العالم أجمع, وليس صحيحا اتهامه لتلك المنابر بأنها ممولة، وأن هناك فرقاً بين الدعوة التي تنتشر بالمال وبين التي تنتشر بكم الصدق واليقين التي تحمله، وفرق بين مؤسسة صنعها التاريخ ومؤسسة تصنعها الأموال الآن, وكأن على المسلمين الركون إلى الازهر وحده وعدم استغلال كل الوسائل المتاحة ومن بينها المال لنشر الدعوة, ولو لم يكن الازهر ممولاً من الحكومة المصرية لقبلنا هذا الرأي, ولو لم يكن تابعاً للسلطة المصرية لما انتظرنا قرار رئيس الجمهورية بتعيين شيخه, ولكان ذلك الاختيار تم بطريقة مختلفة, ولسنا هنا نشكك بحسن اختيار الشيخ الطيب للموقع لكننا نذكر إن نفعت الذكرى. rn rn rn
خارج الحدود :شيخ وعمامة
نشر في: 23 مارس, 2010: 06:04 م