تساءل مواطنون عن مشاريع البنى التحتية "الكبيرة"، التي تتحدث عنها المؤسسات الحكومية واعتمادهم على مواردهم الذاتية لتأمين احتياجاتهم الأساسية, وسط تأكيد عاملين في قطاع الماء والمجاري تلوث مياه الشرب في الكثير من محافظات العراق، بينما نبه أطباء ومتخصصون إلى ضرورة اتخاذ تدابير شخصية وأخرى حكومية للحد من آثار الكارثة التي تهدد حياة المواطنين .
المواطن مسلم الساعدي يقول في تصريح لـ "المدى"، إن "ما يدفعنا إلى اللجوء لشراء قناني المياه المعبأة في المعامل الأهلية هو رداءة مياه شرب "الإسالة" التي لا تصلح في كثير من الأحيان حتى لغسل الأواني بالإضافة إلى ظهور العديد من حالات الإسهال ولذلك فنحن مضطرون لشراء هذه القناني بشكل يومي " .
وأضاف الساعدي " يضطر الأهالي في مناطق أطراف بغداد التي تعاني ومنذ سنوات انقطاع الماء الصالح للشرب لشراء ماء تبيعه إليهم صهاريج كبيرة بأسعار عالية جدا ".
وبين أن " الجميع مجبرون على الشراء خاصة أن موسم الصيف يتطلب استهلاك كميات كبيرة من المياه إضافة إلى الاستخدامات الأخرى " .
ودعا "إلى ضرورة كشف كل أكاذيب ودعايات الحكومات المحلية والتي تفتري بها علنا بتوفير مياه الشرب في كافة مناطق بغداد ".
المواطن عزيز شلش ذكر من جانبه في حديث لـ "المدى", أن "رداءة مياه الإسالة قد تقف وراءها أسباب أخرى ،فقد يكون الماء الناتج من محطات تنقية المياه نقيا ومعاملا بشكل صحيح إلا أن رداءة وقدم شبكات نقل مياه الشرب إلى الأحياء ومن ثم إلى منازل المواطنين هي العامل الأساسي لتلوثها ووصولها بهذا الشكل الذي لا يسمح باستخدامها كمياه للشرب ،الأمر الذي يضطرنا إلى البحث عن بدائل وإن كانت مكلفة".
أما مازن محمد وهو موظف حكومي فتساءل "أين تذهب الأموال الحكومية التي تصرف سنويا على مشاريع إستراتيجية ومنها مشاريع تنقية المياه وهل النتيجة هي صرف المليارات على تلك المشاريع لكي يشتري المواطن في النهاية الماء من معامل أهلية انتشرت في هذا الحي وذاك دون معرفة حتى ما يجري من عمليات لتنقيتها"
وأضاف "إن هذه كارثة كبرى في بلد لديه نهران عظيمان وأهله يشترون مياهاً معبأة ومنتجة في دول ليس لديها مياه عذبة وصالحة للشرب "
ويقر موظف في دائرة ماء ببغداد، طلب عدم الكشف عن اسمه، بان "تلوث ماء الشرب أصبح من الأمور الشائعة.
وعن أسباب هذه الكارثة، أكد في حديث لـ"المدى", "أنها كثيرة من أهمها تقادم شبكات توزيع الماء ما تسبب بتكسرات يصعب علاجها، والسبب الآخر انتشار معامل تصفية المياه وتعبئتها، ومعامل الثلج في عموم مناطق بغداد، إضافة لكثرة انتشار مضخات سحب المياه في البيوت ما يؤدي إلى إضعاف ضغط الماء في الشبكة، وامتصاص المياه الثقيلة المحيطة بها، ولتلوث المياه آثار خطرة على الصحة العامة ويسهم في انتقال أمراض وأوبئة.
وفي هذا السياق يحذر الطبيب كامل ساجد من أن "المياه الثقيلة تحوي مواد ملوثة عديدة أخطرها بكتيريا القولون، التي يمكن أن تكون أسرع ناقل لأمراض عدة مثل الديزنتري والكوليرا"
وحث المواطنين على ضرورة تعقيم المياه بوساطة الغلي أو الأقراص المعقمة، مضيفا إن النسبة الأعظم من الطبقة المتوسطة تستعمل مياها معدنية"
من جهتها، أشارت وزارة الصحة، على لسان المدير العام لدائرة الصحة العامة الدكتور حسن هادي باقر، إلى أهمية اتخاذ تدابير وقائية من أمراض فصل الصيف، التي تتسبب بها عموما المياه والأغذية الملوثة، مثل الكوليرا والتايفوئيد والإسهال .
ويؤكد باقر في حيث صحفي أن دائرته "شكلت لجانا مختصة لمراقبة معامل تعبئة المياه، فضلا عن حملات الرصد الوبائي للكشف عن حالات الإسهال والأمراض الانتقالية الموسمية".
وأضاف إن "على المواطن دورا يؤديه في تدابير الوقاية من خلال مراعاته للنظافة الشخصية، والتأكد من سلامة المنتجات الغذائية في الأسواق المحلية، والإبلاغ عنها في حال عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري".
وشدد على أهمية "إجراءات المؤسسات الصحية من خلال الفحص الدوري للمياه، ومدى صلاحيتها ووضع تقارير خاصة للدوائر الصحية المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة".
وكشف باقر عن وجود "فرق مركزية وفرعية مهمتها متابعة معامل الثلج والمياه في عموم المحافظة، وفحص نماذج منها بشكل دوري"
ويرى أن "عدم مطابقة معامل المياه للشروط الصحية يستدعي فرض عقوبات مثل غلق المعمل، وسحب الإجازة الصحية، وفرض غرامة، وفي حال تسبب منتجاته بتأثيرات خطرة في صحة المواطن يقدم للمحاكم" .
يذكر أن مصادر حكومية تحدثت عن حاجة العراق إلى ما لا يقل عن 100 مليار دولار للنهوض بالبنى التحتية المدمرة منذ ثلاثة عقود من الحروب والحصار. ويشتكي العراقيون من تردي ونقص في مياه الشرب، بالإضافة إلى نقص الكهرباء التي باتت أزمة مزمنة يبحث لها المواطن عن حلول تخلصه من الوعود الحكومية .