TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياسة العربية: من المصباح السحري إلى تحضير الأرواح وقراءة الفنجان

السياسة العربية: من المصباح السحري إلى تحضير الأرواح وقراءة الفنجان

نشر في: 26 مارس, 2010: 03:59 م

شاكر النابلسي قلنا في المقال السابق، أن خاتم سليمان الأسطوري، أو مصباح علاء الدين السحري (وهما المُتمثلان بالوحدة العربية المرجوة) لن ينفعا، ولن يفيدا في حلِّ مشكلة عويصة وخطيرة كمشكلة البطالة مثلاً. وهما ما يأملان بهما العرب كلما اشتد عليهم الفقر، والضياع، والخوف.
وقلنا كذلك، أن مشكلة عويصة وخطيرة كمشكلة بطالة الشباب الخريجين، لن تحلها الوحدة العربيـة، إذا لم يحلها تغيير نظام التعليم العربي في كل دولة قُطريـة حسب احتياجات خطط التنمية – إن وُجدت – لكل دولة قُطرية. فالبطالة الآن، منتشرة بشكل مفزع في كل دولة قُطرية عربية دون استثناء وتتراوح نسبتها بين 10-30%. ولا توجد دولة عربية لديها نقص في العمالة، ودولة أخرى لديها فائض حتى تصبَّ واحدة في الأخرى عند قيام الوحدة الكلية أو الجزئية (تُستثنى مصر والمغرب، وربما الأردن). وهذا ما هو قائـم منذ سنوات، حتى أن بعض الدول الغنية العربية نفسها، أصبحت لديها مشكلة بطالة كبيرة (السعودية مثالاً) وتنادي وتسعى إلى قَصر الوظائف على أبناء القُطر فقط. من المصباح السحري إلى الشعوذة!ولم يكتفِ العرب في النصف الثاني من القرن الماضي بانتظار الوحدة العربية باعتبارها "المعجزة" التي ستحلُّ كافة مشاكلهم، ولكنهم زيادة على ذلك، بحثوا عن حلول لمشاكلهم من خلال الجان والسحر والشعوذة. وكانت هذه ظاهرة مثيرة للضحك والبكاء، في آن واحد.وكانت هذه الظاهرة الملفتة للنظر والتأمل والدراسة فعلاً، هي ما مارسته النخب السياسية العربية الحاكمة، في النصف الثاني من القرن العشرين، طلباً لأجوبة على أسئلة مستعصية، ومنها: كيف ننتصر على إسرائيل؟ وما مستقبل العالم العربي؟ ومن سينتصر فيما لو قامت حرب عالمية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي؟ إلى آخر هذه الأسئلة العويصة التي تتطلب متخصصين، وعلماء، ومحللين، وليس إلى سحرة ومشعوذين، وقارئي كف ووَدَعّ!كذلك، فقد قرأنا كيف اعتمد بعض الساسة العرب في مطلع القرن الحادي والعشرين على التنجيم، في بناء الرأي والموقف السياسي، لتخدير الشارع العربي. كذلك، فقد كان الساسة العرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين على هذا النحو في بناء الرأي والقرار السياسي، واعتمادهم على دراويش التنجيم ، وقراءة الفنجان ، وضرب الوَدَع ، والقراءة في الرمل.rnالتوسّل بالسيدة العذراء لتحرير سيناء! فكلنا يذكر "خرافة" ظهور السيدة العذراء في كنيسة الزيتون في القاهرة، في العام 1968 على إثر هزيمة 1967. وما قيل من أن السيدة العذراء، هي التي ستحرر القدس، وتعيد سيناء إلى مصر. وكيف تولَّت جريدة "الأهرام"  في ذلك الوقت (5/5/1968) الترويج الإعلامي الواسع لهذه الخرافة، ونشرت صوراً للسيدة العذراء، تظهر بكاملها على سحاب ناصع البياض، أو بشكل نور يسبقه انطلاق أشكال روحانية تشبه الحمام. (وتكررت هذه الظاهرة، قبل أشهر من الآن). وكيف أن عدداً من أساتذة الجامعة تصدوا لعَلمنة هذه الحادثة! وقام رجال دين، ومفكرون، وعلماء، بكتابة مقالات "علمية" لإثبات هذه الحادثة وتعليلها! وكان ذلك كله – سابقاً ولاحقاً - نتيجة لخيبة الأمل، والهزيمة الكبرى، التي حلَّت بالأمة العربية منذ عام 1967.rn"عملية جراحية" تقوم بها السيدة العذراء!وكذلك نذكر، القصة المضحكة، التي روتها فتاة مصرية، والتي تقول فيها، أن السيدة العذراء قد أجرت لها عملية جراحية ناجحة. وقامت مجلة "روزاليوسف" (عدد 2310، 18/9/1972) بالترويج لهذه القصة، ونشر تفاصيلها. وكان ذلك كله، بوحي من السلطة الحاكمة، لتخدير الشارع العربي المهزوم والمجروح في كبريائه القومي والوطني.rnالقياديون وتحضير الأرواح! كذلك نذكر الفضيحة الكبرى، التي نشرتها جريدة "الأهرام" (4/5/ 1971) حول اشتغال رجال القمة من الساسة المصرين، ومن كبار معاوني عبد الناصر بتحضير الأرواح. ومنهم وزير الحربية، الفريق أول محمد فوزي وسامي شرف سكرتير عبد الناصر للمعلومات، وشعراوي جمعة وزير الداخلية. وكان الوسيط بين هؤلاء والأرواح أستاذاً جامعياً. وحسب رواية حسنين هيكل، فإن هؤلاء كانوا يقومون بسؤال الجن للحصول على إجابات تتعلق بالوضع العسكري والسياسي.rnكبيرهم الذي علَّمهم السحركذاك قرأنا، في تلك "الهوجة"، و "الهيصة"، انشغال كثير من الكتّاب الصحافيين المصريين بمسألة تحضير الأرواح، وعلى رأسهم أنيس منصور. كما قرأنا في كتابه المشهور (حول العالم في 200 يوم) وكذلك الراحل مصطفى محمود، في كتابه (لغز الموت، ص 172) وغيرهما. وقال أنيس منصور، أن السفير المصري في جاكرتا، وطاقم السفارة هناك، بما فيهم الملحق العسكري، والملحق الصحافي، كانوا يقومون بتحضير الأرواح بالسلَّة. وشرح لقرائه في جريدة "أخبار اليوم"، كيف يمكن لأي قاريء، أن يقوم بذلك بسهولة في بيته، ويستحضر من يريد من الأرواح بقليل من البخور! ولم يكتفِ منصور بترويج "تكنولوجيا الأرواح" هذه، بل ذهب إلى تقديم "مساهمة نظرية" في "علم الأرواح"، عرض

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram