نصيف جاسم حسين
تابعت عددا من البرامج الحوارية التي شارك فيها عدد من رؤساء مجالس المحافظات على أغلب القنوات الفضائية، تناولت قانون انتخابات مجالس المحافظات وتعديلات قانون مجالس المحافظات، لكن ما أثار انتباهي واستغرابي هو أن جميعهم قد ذكروا أنهم قد شاركوا في حوارات واجتماعات وورش عمل "في أربيل" و"في الخارج" ولم افهم لماذا لا تتم مناقشة مثل هذه المواضيع داخل المجالس وكلٌّ في محافظته - اذا كانت تهم فعلا القائمين بها- لكن امرأة أمية عجوز بددت استغرابي وأجابت عن تساؤلاتي بعفوية وطلاقة قل نظيرهما حتى عند ابلغ خطبائنا حين قالت "يمة همة يهمهم أني وأنت؟ همة يريدون يتونسون ويسافرون، اشو فلوس موجودة ومحد يكلهم على عينكم حاجب، تلكاهم سووا مخصصات سفر وسكن وطعام وطلعولهم بكم فلس، يمة أنت تبقى من اهل الله". وصرت أفكر في التفاصيل التي يفكر بها بعض رؤساء وأعضاء مجالس المحافظات، إلى أين يسافر؟ ولأي غرض؟ ولمناقشة ماذا؟ وهل من الأفضل التوصل لاتفاق أم لا؟ فالتوصل إلى اتفاقات يعني عدم تكرار السفرات إلى "أربيل" و"الخارج"، فقد سمعت احدهم يذكر انه قد شارك بـ(65) ورشة عمل (داخل وخارج العراق) لمناقشة هذا الموضوع!!! ولو كانت مخصصات السفر والسكن ومستلزمات ورش العمل هذه (5000$) فقط لكل عضو لكان المجموع (325000$) لكل عضو، ومن المؤكد أن المجلس الواحد لا يكتفي بممثل واحد عنه بل لا بد أن يشمل عدداً يتناسب مع عدد الكتل والأحزاب المشكل منها كل مجلس بالإضافة "للخبراء" و"القانونيين" و"الإداريين" الذين افترض أنهم سيحتاجونهم في مباحثاتهم وحواراتهم، ولو افترضنا أن وفد كل مجلس يتكون من عشرة أشخاص، فسيكون المبلغ (3250000$) لكل مجلس، فإذا ضربنا هذا الرقم بعدد المجالس فانه سيقترب الرقم من المليار لمناقشة قانون كانت نتيجته النهائية خاطئة "دستوريا" و"إداريا" و"سياسيا"، استجلبت سخط الشارع والمثقفين والمرجعية الدينية التي يدعي أكثرهم التزامه "بخطها" وخالف "حكما للمحكمة الاتحادية" لنفس الموضوع، فيا لها من دورات مثمرة.
الغريب في الموضوع أن المجالس لم تعقد أي عدد من الاجتماعات أو القيام بأي "ورشة عمل" "في أربيل والخارج" لمناقشة موضوع الكهرباء مثلا، او بناء بيوت واطئة الكلفة للمشردين والمعوزين الذين كانوا مادة إعلامية لبعض القنوات الفضائية خلال "شهر الطاعة والإيمان".
الدورات في الوزارات تختلف قليلا عن ذلك، فهم يرسلون المدراء في أغلب الأحيان حتى لو كانت الدورات دورات "تصميم" أو دورات لتعليم الخريجين الجدد أصول وأسس الإدارة الحديثة! ويذهب اختصاصيو الكومبيوتر، لدورات تكنولوجيا المواد، ويذهب مهندس البناء لدورات الميكانيك، ويذهب اختصاص القانون لدورات التصميم المعماري، علما أن أغلبها حكرا على مدراء الأقسام والشعب، ولا ينال الموظف الذي استهدفته الدورة حصة في كل ذلك، ولذا نجد ان أموالا طائلة أنفقت على هذه الدورات كانت نتيجتها النهائية مثل نتيجة دورات و"ورش عمل" رؤساء مجالس المحافظات في أعلاه.
"عمي كفونا من هاي السالفة، بس سوولنا الكهرباء بهاي الفلوس وكلشي ما نريد منكم".