بالتزامن مع انعقاد اجتماع المؤتمر الوطني السوري في الدوحة, بهدف توسيع عضويته, بعد أن سحبت واشنطن اعترافها به كممثل للشعب السوري, استناداً إلى أن القرار الحقيقي والفاعل للثورة إنما يتم داخل سوريا, فإن الحراك السياسي يكاد يطغى على هدير الرصاص, حيث تستقبل عمان وزير الخارجية الروسي, وأمين عام الجامعة العربية, والمبعوث الأممي الاخضر الابراهيمي في الوقت عينه, وهؤلاء بدورهم سيلتقون رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب, الذي عاد للتو من زيارة لأنقره, التقى خلالها وزير الخارجية التركي, بعد أن عقد العديد من الاجتماعات مع معارضين سوريين غير منضوين تحت مظلة المجلس الوطني, بهدف تشكيل قيادة جديدة تحظى برضا ودعم العالم الغربي, وقبل أن ينجلي غبار المعركة الرئاسية في الولايات المتحدة, ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود, ونعرف من سيكون سيد البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة.
المجلس الوطني وسع عضويته بضم كيانات جديدة, فيما تراجعت أعداد المستقلين, وبما يعني أنه قد يحظى بالرضا, لكن ذلك لن يكون على حساب تحركات قوىً أخرى, يقودها حجاب ورياض سيف, وقد يشارك فيها مناف طلاس, وتتمركز في عمان الغاضبة أو الحذرة من زيارة أمير قطر, حيث ينعقد المجلس الوطني السوري, إلى قطاع غزة المحكوم من تنظيم حماس الإخواني, مع ملاحظة حالة الشد بين إخوان الأردن والدولة, على خلفية مطالبتهم بتعديلات دستورية تطاول صلاحيات الملك, وهنا يتبدى الحراك الأردني المتأخر, من خلال كل هذا الحشد الدبلوماسي " الإبراهيمي والعربي ولافروف " لمنح الصدقية التمثيلية لحجاب ومجموعته, التي ترفض بالكامل عسكرة الحراك في سوريا وإن كانت كبقية أطياف المعارضة لا ترى حلاً بغير رحيل الأسد.
في الأثناء, ومع تواصل جريان الدم في أنحاء سوريا كافة, فإن السلطات السورية مدعومة من إيران وروسيا والصين, تواصل مع تمسكها بالحل العسكري, الدعوة إلى حوار مع المعارضة, لكنها تضع للمعارضين المدعوين مواصفات لا تنطبق على أي من الداعين لتغيير جذري في بنية النظام, تنقله من حالته الراهنة, إلى حال يفقد فيها الحزب القائد للدولة والمجتمع هذه الصفة, وتفقد فيها النخب الحاكمة ميزتها بالتفرد في ممارسة السلطة, حيث يعود القرار للشعب في اختيار من يحكمه, وبديهي أن ذلك مرفوض عند حكام دمشق, على الرغم من أن روسيا أعلنت مؤخراً على لسان وزير خارجيتها, عدم تمسكها بشخص الرئيس الأسد, مع قناعتها بأنها تدافع عن الشعب السوري وخياراته.
في ظل كل هذا الحراك يبرز سؤال عن إمكانية انتقال عاصمة الثورة السورية إلى عمان, الأكثر قرباً من دمشق, بعد أن تنقلت ما بين اسطنبول والدوحة, وهذه المرة بدعم أميركي واضح, وهل عند عمان المثقلة بمشاكلها الاقتصادية ما تقدمه للثوار السوريين, غير مخيمات اللجوء التي ينفق عليها المانحون, أم أنها تسعى للخروج من عنق أزمتها السياسية والاقتصادية, باللجوء إلى هذا الخيار الصعب, الذي نأت بنفسها عن تفاعلاته منذ عشرين شهراً, أم أن هذا القرار يأتي استجابة للموقف الأميركي الجديد من نظام الأسد ومعارضيه, مع وعد بتحمل واشنطن لنتائج هذا " الانقلاب " في الموقف الأردني الذي ظل ينادي بحلول سلمية للأزمة السورية, وسؤال أخير هل تكون عمان عاصمة الحوار بين الأسد ومعارضيه تحت شعار" لايموت الذيب ولا تفنى الغنم".
المعارضة السورية.. مرحلة جديدة
[post-views]
نشر في: 6 نوفمبر, 2012: 08:00 م