اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > شؤون تنحتُ فـي القلب

شؤون تنحتُ فـي القلب

نشر في: 27 مارس, 2010: 05:16 م

محمد سعيد الصكار قررت أن أمنح نفسي عطلة عن الكتابة، تجنّباً للهذر والإطالة، والتماساً للراحة التي صارت عصيّةً عليّ، بعد الخوض في شؤون العراق الثقافية والسياسية والاجتماعية بشكل متواصل منذ سنتين ونصف في الصحف العراقية والعربية، كنت خلالها متوهج العواطف والأعصاب، أكبس على غضبي لئلا يُفلتَ فيأتيني بما لا أحب. وإذ كنتُ دقيق الإختيار للقنوات التي أطلّ منها على القارئ، صيانةً لما أكتب، واحتراماً لقرائي في هذه القنوات؛ اقتصرت كتاباتي على عدد قليل من تلك القنوات، من بينها (المدى).
وكنت على غضب شفيف على صديقي التاريخي، فخري كريم،  وكان لمزاجي الشائك  والحساس شأن في خصوصية علاقتي بفخري، وهو مزاج يعرفه فخري كريم أكثر من سواه، كاد يبعدني عن (المدى) وفخري معاً. ولولا الكبس على الغضب، وهو غضب (إخواني) لا يصل حدّ القطيعة في كل الأحوال، لكان لنا شأن لا نحبه ولا نسعى إليه؛ وكنتُ خسرت بسببه صداقات وعلاقات طيبة مع كثير من القراء، بفضل ما نشرته في (المدى).rnأعدتُ على نفسي السؤال الخالد: ((لمن يكتب الأديب))؟ لقارئه أم لفخري كريم المغضوب عليه من قبلي (إخوانياً) والمهدّد بالمقاطعة؟ قلتُ إن (المدى) مداي، قبل أن تنهض ويتمدد أفقها وتصبح بجهد فخري ممتدّةً على هذه المساحات. فما معنى أن أغضب عليها وعلى فخري وهما يتعاملان مع كتاباتي بمنتهى التقدير؟ وكيف أشكر قرائي وأتناقش وأتسامر معهم، إذا غادرتُ خيمة (المدى)، وأنا ممن يختار قنوات أفكاره، ويُعنى بها؟rnأطفأتُ غضبي على فخري ومزاجه، وأجّلتُ مضاعفات مزاجي الشائك، وقررت الإنسحاب من دائرة القول، وتعطيل مساهماتي في جريدة (المدى)؛ وهي مساهمات متواضعة ما كنت أظن أن تجد لها صدى، ولكنها وجدت ذلك الصدى، وجاءتني بمداخلات ورسائل وضعتني بين قوسين؛ أن أواصل علاقتي بالقراء، رغم غضبي الشفيف على فخري كريم، أو أن أريح نفسي وفخري والقراء مما أهذي به.rnقررتُ أن أنفرد بقرائي ومشاكلهم التي تستريح معي على المخدّة ؛ وهي مشاكل تتناسل في وعيي، ومنها ما لا يغادره.rnولكن ما وجه هذه المشاكل، وما أبعادها بعد أن جرت الإنتخابات بما كنا نأمل من وعي العراقيين الذي كان موضع تقدير نستحقّه ونشكرهم عليه.rnالمشاكل القادمة التي نتابع أبعادها لا تبعث على المسرّة، فما زال شبح التحاصص في اقتسام المواقع السيادية يطغى على مجمل الكتل السياسية، ويكذّب دعاوى ما قبل الإنتخابات، فما الذي ننتظر؟rnفي مقال سابق لنا عن (هذه البرمكيات) التي خصصت أموالاً طائلة، وامتيازات خرافية للنواب وأتباعهم، لا سابق لها، عجبنا من رصد تلك المخصصات التي تأخذ من ميزانية الفقراء ما هم في حاجة إليه. rnواليوم ماذا نقول في نصف مليار دولار صُرفت على وسائل الدعاية والإعلان للمرشحين في هذه الإنتخابات التي نعتزّ بها؟rnنصف مليار دولار، عدّاً ونقداً للدعاية لمرشحين لم يفز أكثرهم ! والتي عادت إلى أيدي الحواسم الجدد الذين يبيعون مخلفات الإعلانات الضخمة ويتاجرون بها.rnولكنني، من جانب آخر، سُررتُ بما أتاحه الله لزملائي الخطاطين الفقراء، في العادة، من هذه الموجة الإعلانية المجنونة، ويا ليتنا كنا معهم !rnولكن التساؤل لا يغادرنا عمّا إذا كان هناك وعي من نوع ما لحاجة الوطن الرازح تحت مشاكل البطالة ومشاكل الكهرباء والصرف الصحي  والمواصلات وغيرها مما يعرفه الجميع ويتمسكون بالعروة الوثقى لوعود الكتل السياسية؟ كم من المستشفيات والمدارس ومعاهد العلم والبيوت المهدومة والأهوار المدمّرة، والطرقات المتعثرة والأنهار الملوّثة، كان جديراً بهذا الإنفاق الخرافي اللامسؤول، للإعلانات؛ حتى ولو كانت من مصادر غير عراقية؟rnلا نستعدي أحداً على أحد، ولكننا لا بدّ من أن نتساءل، وننتظر الجواب ممن له شأن في ذلك؛ خصوصاً في ما يتعلق بثرواتنا الطبيعية والإنسانية، وحاجاتنا الحياتية. من أين جاءت هذه الملايين وما أوجه صرفها، وما هو الوازع الوطني و الأخلاقي لتقبّلها وإنفاقها بهذا الشكل البرمكي المخجل على ظروف ليست في موضع الاستحقاق.؟!rnأنا اليوم أتابع المرحلة الإنتخابية الأولى للإنتخابات الفرنسية التي ظهرت نتائجها قبل أن أتعشى، في حين ننتظر نحن نتائجنا بعد أسابيع؛ وأتساءل: أما كان من الممكن أن تخضع هذه الموارد للرقابة والتوجيه، ويخصص جزء من النصف مليار دولار المصروفة على الدعاية، لشراء أجهزة متطورة تأتينا بالنتائج يوماً بيوم، بل ساعةً بساعة، ولا تحرق ما تبقًى من أعصابنا؟rnأدري أنها أسئلة ساذجة لا تغيب عني وعن القراء، ولكنها تحفر في القلب، ولابدّ للمصدور من أن ينفث.rnالآن بدأت عطلتي مع (المدى)، ومع غيرها، وبدأت معها عطلة قسرية مع المستشفيات والأطباء التي تريد أن تُعيد الشيخ إلى صباه، وهي عطلة قد تطول، ولا أظن أن يسعف العمر بنهاية لها.شكراً لكم، وعذراً على هذه الحالة الخاصة التي جئتكم بها. وداعاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram