TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: أكذب من خاطب

هواء فـي شبك: أكذب من خاطب

نشر في: 27 مارس, 2010: 07:52 م

عبدالله السكوتي ويروى ان (اليخطب امرأة يشيل جراب الجذب جوّه ابطه) ، ويحكى ان سليمان ابن داوود النبي مرّ بعصفور يدور حول عصفورة ، فقال لاصحابه: اتدرون ما يقول لها؟ قالوا لا يانبي الله، فقال: انه يخطبها لنفسه ، ويقول لها : زوجيني نفسك اسكنك اية غرفة شئت في دمشق ، ثم قال: لقد كذب العصفور لان غرف دمشق مبنية بالصخور ولايستطيع ان يسكنها هناك ، ولكن كل خاطب كاذب.
وكذاك من يخطب الدنيا، ويخطب السلطة تراه اول ماينادي بإسعاد الناس، ورفع مستوى معيشتهم، يخاطبهم اول مرة بقوتهم وبلقمتهم التي غمست بالدماء على مدى السنوات الماضية ، وخاطب السلطة مثل خاطب الدنيا حيث قال الشاعر:ياخاطب الدنيا الدنية انها / شرك البلى وقذارة الاقداردار اذا ما اضحكت في يومها/  ابكت غدا تبا لها من دارلقد اعلن الفائزون في الانتخابات عن استعدادهم للتعاون مع جميع الاطراف ، ووعدوا الناس خيرا ، لتبقى العملية في ذمة التحالفات التي ستحظى بها الكتل ، اذ لافائز بعد الاحين تكوين الائتلافات ،  وهذه النتائج التي اعلنت بالاقساط ستبقى رهينة التوافقات ، لقد اعطيت هذه النتائج على دفعات استمرت (21) يوما ومن ثم اطلقت دفعة واحدة لتعطي الفائزين املا بتشكيل الحكومة المقبلة وهم يعلمون ان فرق مقعدين للفائز عن الذي يليه لايعني شيئا خصوصا وان معظم الكتل ترتبط ببعضها ايديولوجيا وان ديمقراطية العراق ليست ديمقراطية فائزين بقدر ماهي ديمقراطية توافقات وائتلافات.الايام الاتية ستأتي بالكثير وستضع الامور في نصابها ، بحسب القوالب الاولى التي نزلت بها الكتل للانتخابات ، فمن غير الممكن ان يتخلى الائتلاف الوطني باسمه الحقيقي المجلس الاسلامي الاعلى عن ائتلاف دولة القانون الذي يقوده حزب الدعوة ، وكذلك بالنسبة للتحالف الكردستاني ،اذ لايمكن ان يتخلى عن حلفائه القدامى ليأتلف مع كتلة ربما تنادي بالافكار القومية وتعيد العراق والكرد الى ماقبل التسعينيات.ان التحالفات المؤدلجة هي التي رسمت الخريطة  الاولى لحكومة العراق السابقة، وهي تأكيدا سترسم الخريطة الثانية للحكومة المقبلة، غير هذا الكلام يحتاج الى تدخلات خارجية وفرض ائتلافات جديدة غير ممنهجة ستأتي بالكثير من المفاجآت وعدم التوافق في اتخاذ القرارات حتى تحت قبة البرلمان، وهذا في غير صالح العراق على الاقل في المرحلة الحالية. ومن الحكم الجزيلة التي خلفها لنا الاقدمون ، حكمة قالها (لاوتسي) معلم الصين وفيلسوفها في القرن السادس قبل الميلاد ، حيث قال: (عندما لاتكون كلمة الحق هي العليا ، تدرب الخيل على خوض غمار المعركة... وعندما تكون كلمة الحق هي العليا تدرب الخيل على اعمال المزرعة).على هذا الاساس علينا القبول بنتائج الانتخابات ونقلب الصفحة التي تليها ، لنمضي في العملية السياسية المكملة  بعد نجاح العملية الديمقراطية ، التي رافقها الكثير من الشكوك والاتهامات، من الممكن ان نوجه الخيل اتجاها آخر لنبدأ عملية البناء والوحدة وننسى التناحرات التي لاتؤدي الا الى الفرقة والتشرذم والعداء، وهذا كله بعيد عن صالح الوطن ومصالحه العليا.النتائج التي ظهرت مع ماتنطوي عليه من غبن وحيف لكنها اعطت دفعا للشعب العراقي في ان الديمقراطية ماضية الى الامام، وهي بعد ستقطع اشواطا طويلة لايلبث فيها طير السعد ان يطير من الرأس الذي حط عليه لانه لم يكن اختياره، ولذا ارتاح طير السعد وستجعله التوافقات اكثر اتزانا حين يحط على احد الرؤوس ، ليسلمه رئاسة الوزراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram