حسام مصطفىالعنوان ليس اعلانا عن فيلم سينمائي هوليودي سيعرض قريبا أو يعرض الآن في احدى دور السينما ، انه ببساطة شديدة عنوان لفيلم سياسي عراقي طويل يعرض لأول مرّة بأحداث جديدة ، تحدث لأول مرّة ايضا!
لم تشهد المنطقة في تأريخها المعاصر وغير المعاصر، انتخابات على هذا المستوى من الضخامة وشد الانتباه اليها من القوى الاقليمية والدولية، التي يهمها مصير المنطقة وربما يرتبط الى حد كبير مستقبل العراق القادم وتوجهاته بمصالحها القومية الاساسية. بالنسبة للمواطن العراقي ، ربما لن يكون معنيا كثيرا بالاسماء الرنانة منها وغير الرنانة ، بقدر اهتمامه بالمستقبل ، الذي يتوقع ان يغير من حياته نحو الاحسن في جميع الوجوه وتحديدا الاقتصادية والخدمية. لم يحزن الذي صوّت للمالكي عندما فاز علاوي ، ولا فرح نكاية ، الذي انتخب علاوي وفاز بفارق مقعدين. الذين صوّتوا لعلاوي والذين صوّتوا للمالكي والذين صوتوا للآخرين من مختلف الاتجاهات السياسية ، يتطلعون الى المستقبل بطريقة مشتركة، يريدون حياة افضل لابنائهم على الاقل اذا كان قطار الكيكة العراقية قد فاتهم وسط ضجيج المفخخات ودوي الانفجارات وصراخ السياسيين.ولاول مرّة يعترف الاشقاء العرب ، رغم كل مواقفهم السلبية منذ سقوط الدكتاتورية ، ان في العراق عملية سياسية وانتخابات وتداول للسلطة وبشر يموتون يوميا وله محيط عربي واقليمي وعلى هذين المحيطين دعم العراق ووقف تسلل الارهابيين الى اراضيه كما جاء في بيان وزراء الخارجية العرب المنعقد في مدينة سرت الساحلية في ليبيا .وان لهذا البلد تأريخا يتباهى به اي شعب من شعوب المنطقة. ولأول مرّة ايضا يلقى القبض على مجموعة ارهابية كبيرة في بلد عربي ، وتعلن الحكومة ، ان الغالبية العظمى من العصابة الارهابية تنوي القيام بأعمال ارهابية داخل العراق ، وتسلط الاضواء على عصابات القاعدة واعمالها العدوانية ضد الشعب العراقي.ولاول مرّة تقول الجامعة العربية خيرا في التجربة العراقية ، بعد ان ارسلت عشرات المراقبين ، الذين راقبوا عن كثب ثم قالوا كلمة الحق ، وان كانت مغلفة بـ» فيما اذا لو..!» ولاول مرّة تحتكم كل القوى السياسية العراقية المؤمنة بالتغيير الذي حصل في التاسع من نيسان والذي ادى الى سقوط سلطة الرذيلة وصنمها ، الى صناديق الاقتراع وتعلن امام الجميع ان اعتراضاتها على نتائج الانتخابات ستكون وفق الصيغ القانونية والدستورية المكفولة لها.ولاول مرّة يشاهد الواقع السياسي العربي ، مشاهدة مجسمّة بالصوت والصورة وبالنقل المباشر، تغييرا سياسيا مهما في هرم السلطة بهذه الطريقة الديمقراطية والنسبة الواسعة من المشاركة الشعبية من مختلف فئات الشعب.التمارين الديمقراطية التي خضناها منذ التاسع من نيسان ، درّبتنا على ترويض النفس والقبول بالخسارة والربح ، وان كان من المصلحة الوطنية العليا ان لانعتبر ان هناك خاسرا ، مادمنا قد قدمنا استعراضا سياسيا ديمقراطيا من الطراز الرفيع ، قدمناه نموذجا وهدية للشعوب التي ما زالت تئن وترزح تحت وطأة تصرفات الدكتاتوريات المجنونة !
كتابة على الحيطان: يعــــرض لأول مــــــرّة
نشر في: 27 مارس, 2010: 08:03 م