ترجمة / عادل العاملمثلما هي الحال مع اللياقة البدنية physical fitness أو الحمية الصحية، فإن الانتاجية هدف له قيمته يمكن أن يتطلب تغييراً كابحاً للعادات. و الانتاج أكثر عن طريق العمل أقل هو المفتاح لرفع مستويات المعيشة، لكن في المدى القصير هناك شد بين الكفاية و الوظائف.
و قد تدبّرت أميركا و أوروبا أمر هذه التسوية على نحوٍ مختلف. فأميركا مضت في اتّباع الحمية : اعتصرت الناتج الإضافي من قوة عمل أصغر و عانت من ارتفاع كبير في البطالة كنتيجة لذلك، أما أوروبا، فإنها تأمل في إحراق السعرات الحرارية في المستقبل. و قد اختارت أن تحتوي الخسائر في الوظائف على حساب إنتاجية أوطأ،و ربما يعني ذلك أن تعافي أميركا سيكون أسرع، و الأبعد من ذلك، أن اتجاهات الانتاجية في كلا البلدين يُحتمل أن تكون بطيئة على نحوٍ منتظم. و يُظهر تحليل من هيئة المؤتمر، و هي شركة بحوث، كيف كان الركود مختلفاً على جانبي الأطلسي. فقد انكمش اقتصاد أميركا بنحو 2.5 بالمئة في السنة الماضية لكن الساعات المشتغَلة هبطت ضعفي تلك النسبة، و هكذا ارتفعت الانتاجية (الناتج المحلي الإجمالي لكل ساعة) بنسبة 2.5 بالمئة، أما متوسط الهبوط في الناتج المحلي الاجمالي في البلدان الـ 15 التي كوَّنت الاتحاد الأوروبي قبل توسّعه في عام 2004، فكان أكبر، عند 4.2 بالمئة، لكن الساعات المشتغَلة انخفضت بشكلٍ أقل حدةً مما في أميركا، و كنتيجةٍ لذلك انخفضت انتاجية الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.1 بالمئة. و كان انخفاض ساعات اشتغال العمال المستمرين في وظائفهم في أميركا و أوروبا بمقادير متماثلة، و كان السبب في أن الساعات الاجمالية المشتغَلة قد انخفضت أكثر في أميركا هو حصول خسائر في الوظائف أكثر هناك : فقد انخفض الاستخدام بنسبة 3.6 بالمئة في السنة الماضية، مقارنةً بهبوط نسبته 1.9 بالمئة في الاتحاد الأوروبي. فما الذي يفسّر هذا التفاوت الشديد؟ تقول نظريةٌ إن أرقام الناتج المحلي الاجمالي في أميركا مبالَغٌ فيها، و سوف تتلقى النسخ المنقَّحة الطازجة معلوماتٍ من شركاتٍ أصغر، يمكن أن تكون قد أُرغمتها على تخفيضٍ أكثر شركاتٌ أكبر بسبب التسليف القليل. و هكذا يمكن الهبوط بالناتج المحلي الاجمالي، تضييقاً للفجوة مع أوروبا، و هناك رؤية أخرى مفادها أن الشركات الأميركية كانت مفزوعةً إلى فصل الوظائف بسرعة كبيرة (مع أن التخفيض القاسي في الإنفاق الرأسمالي يشير إلى أن الأوروبيين كانوا أهدأ بالكاد). و في الحقيقة، فإن الكثير من حجم الفجوة في نمو الانتاجية تفسره تنظيمات العمل المختلفة. فسوق الوظائف الأكثر مرونة في أميركا تجعل من الأسهل و الأرخص كثيراً تسريح العمال. و في أنحاء كثيرة من أوروبا، بالمقارنة، يكون طرد العمال مكلّفاً جداً و إعانات البطالة سخية . فالشركات تفكر مرتين بشأن الطرد، و الحكومات أكثر تحمساً لتقديم إعانات في العمل إذا كان ذلك يعني تجنب الدفع للعاطلين حديثاً. و قد ارتفعت البطالة أكثر حيث كان من السهل التخفف من عبء العمال، كما في أيرلندة أو إسبانيا. إن العمال الأميركيين الذين يمكن تسريحهم بسهولة كبيرة قد لا يُعاد استخدامهم بسرعة، و البعض يخشى تكرار " التعافي العاطل jobless recovery " بعد ركود عام 2001 حين كان الطلب المتزايد يقابَل برفع الانتاجية، و كان ذلك التدفق في الانتاجية جزئياً نتيجةً لإسرافٍ في الانفاق الرأسمالي على تكنولوجيا المعلومات. و مع أن هذا الانفاق كان قد انهار في عام 2000 ، فإن الشركات كانت ما تزال تجد طرقاً جديدة لاستخدام القوة الكومبيوترية التي كانت قد استثمرتها بشدة، و سيكون من الأصعب تكرار تلك اللعبة هذه المرة. و بما أن الرأسمال المكدَّس خلال الانتعاشة الأخيرة كان في السكن، فليس هناك المجال نفسه لتدفق مماثل من انتاجية " مؤجلة delayed ". حتى و الأمر هكذا، فإنه يمكن أن يكون قوياً على نحوٍ مدهش لفترة من الوقت، كما قال بارت فان أرك من هيئة المؤتمر، و قد جعل الركود المديرين التنفيذيين يدركون أن باستطاعتهم الحفاظ على عملياتهم جاريةً بكادر وظيفي أقل، على حد قوله. و حتى لو تضاءل نمو الانتاجية، فإنه يمكن مع هذا أن يكون قوياً بما فيه الكفاية للتباري مع طلبٍ بطيء. و إذا كان الانفاق أكثر قوةً و نشاطاً، فإن الأعمال التجارية ستختار أولاً أن تعرض على العمال الموجودين بعملٍ جزئي ساعاتٍ أطول، و قد قال الاحتياطي الفيدرالي يوم 16 آذار إنه بالرغم من أن الاقتصاد قوي، فإن الشركات مترددة في استخدام العمال. أما في أوروبا، فإن صدمة الركود قد تتواصل حتى لوقتٍ أطول، فالإنتاجية الهابطة تدفع بتكاليف أجور المجموعة العاملة، مسببةً الضرر للأرباح و تدفق النقد، و لا يمكن للشركات أن تتحمل ذلك أبداً. فتجميدات الاستئجار الطويل تبدو محتملة و بعض الأعمال التجارية ستكون مرغمةً على التسريحات. و من المحتمل أن يبقى الطلب الاجمالي ضعيفاً، و سوف تضر الأرباح الضعيفة بالاستثمار، و لن يُنفق المستهلكون بحرية إن اعتقدوا بأن الأشغال ستُفصل. إن الاندفاع نحو نتاجٍ أكثر من عمالٍ أقل يبدو تهديداً حين تكون الوظائف نادرةً، لكن بمرور الزمن تكون الانتاجية أساسيةً لتحسين مستويات المعيشية. فالواقع، مث
خصائص الانتاجية في أميركا و الاتحاد الأوروبي
نشر في: 29 مارس, 2010: 05:29 م