اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الشاعر القتيل والملف الضائع

الشاعر القتيل والملف الضائع

نشر في: 31 مارس, 2010: 05:08 م

 ناجي كاشيلم يكن الاحباط الذي يشعر به محمود البريكان سوداويا تاما بل ان المدقق الدارس ليجد ان هناك املا في المجيء حتي اذا كان هذا المجيء من المجهول فليس ضروريا ان يعرف بالتحديد ما سيقع ولكنه يشعر بالحدس بأن شيئا ما قادم لا محالة اضف إلي ذلك فان عزلة البريكان القصدية لم تكن عزلة مقطوعة الجذور من الوعي الثقافي والفكري والاحتماعي لديه
 بل انها نابعة من كل هذا الذي ذكرت تاركة كل البريق والشهرة والريادة والتألق والمدح والتفوق حين يكون التفوق تفوقا علي قناعاتنا واقتناعا حينما يكون الاقتناع توقفا عند قارعة الابداع الابداع وعتبة الثقافة فالوعي بالنتيجة حاضرا في كل هذا الذي حدث في حياة البريكان المبدع البصري الكبير الذي تمخضت ابداعاته السخية عمدا حتي انبثقت متفاخرة في وقت متأخر جدا والوعي بالنتيجة حاضرا ايضا في نبوءة البريكان العجيبة واحساسه بالموت الاتي اليه من اللامكان او من علم الغيب وهذا ما تحقق فعلا في الميتة الدراماتيكية التي تعرض لها العجوز المبدع الشاعر البريكان فلم يكن انتظار هذه الميتة غريبا عليه فانه بانتظار الزائر المجهول منذ حوالي اكثر من ثلاثين سنة او ربما اكثر:(اعددت مائدتي وهيأت الكؤوس انا في انتظار سفينة الاشباح تحدوها الرياح في آخر الساعات.. قبل توقف الزمن الاخير في اعمق الساعات صمتا حين ينكسر الصباح سأركب موجة الرعب الكبير واغيب في بحر من الظلمات ليس له حدود) حارس الفنار (1969)ومن خلال ركوب البريكان لموجة الرعب الكبير هذه نجد اضاءات متألقة لذكريات واحزان ودماء وقتل واندحارات ومدائن تغفو في قاع البحر واخري معلقة في الاعالي تلك العوالم التي تلح علي ذاكرة الشاعر فتوقض فيه قدرته العالية علي الهذيان المنطقي والتشخيص الرائع لمذابح لم تقع بعد ولمذابح وقعت منذ الازل بسبب التوهم او الوهم:اتذكر الموتي.. ولون دموعهم في الزمهرير ولعلهم كانوا جميعا قبل هذا ابرياء لم يهلكوا جوعا ولا عطشا.. وان كانوا ظماء ماتوا بداء الوهم.لم تكن الكثافة البادية من الاحباط محاولة الانتحار والاندحار وانما هي كثافة تمليها فكرة التنبؤ والاستنباط او الاستنتاج رغ ما يبدو في ظاهر الكلام ان هناك لهفة لاستقبال الزائر المجهول الذي يبدو من خلال السياق العام للخطاب زائرا مخيفا غير واضح المعالم وهذا توجه قصدي اعتمده الشاعر بسبب احساسه المرير بالوحدة والتوحد والانقطاع وهو السبب الاساس الذي دعاه طوال الفترة السابقة إلي الانعزال ومقاطعة ومقاطعة اليومي والمهمل مهتما بعوالم اخري ومحطات غيبية استطاع من خلالها ان يحلق في فراديس الابداع المتقدم باحثا عن الغيبي والمفقود والحلقة التي ضاعت حتي يومنا هذا وعليه فان التشخيص دقيقا فيم يتعلق بحياته التي انتهت مأساوية حيث داهمه الزائر المجهول ليلا في منزله وقتله.. بعد كل هذا الانزواء او ربما الترفع المتأنق الجميل الذي جعله مبدعا كبيرا وشاعرا عربيا متفردا لم يهلك جوعا ولا وليس لطائر البحر الجميل شكل. قد لا ينزف الدم من قتيل لكنه نزف حتي فارق الحياة في زمن ينبغي فيه ان لا يموت الشاعر وان تموت قضية التحقيق في مقتله بعد ان جاء زائر مجهول اخر ونقل ملف الدعوي من البصرة التي تجمهر مثقفوها امام المحكمة مدعيا ان الحادث مهم وخطير ويتعلق بحياة شاعر مبدع لا بد وان تنظر فيه محاكم بغداد وربما في الطريق إلي بغداد او في بغداد نفسها جاء زائر مجهول ثالث واختطف ملف الدعوي.. الا يمكن لمثقفي العراق ان يطالبوا باعادة التحقيق في موت البريكان لا سيما ان المحاكم العراقية فتحت ابوابها بحراسات امريكية تحترم الشعرrnهذا المقال اخر مقال للمسرحي الراحل د. ناجي كاشي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram