عبد الرحمن طهمازي حين كان (محمود البريكان) يحلل تاريخ القتل والتعذيب وكل فنون ايذاء الانسان تحليلا شعريا متمرسا، كان فيما يبدو بعد مصرعه يجهز تاريخ شعرنا العراقي بوصية ثمينة تتعلق بدفاع الشاعر الحديث عن العدالة التي لا تتجزأ.
هجر شعره منذ اواخر الخمسينيات القرن العشرين، وربما إلى اخر اهة ندت عنه، هو في تلك الشهادات المتخصصة في بصيرتها وقيمة مسؤليتها عما كان يسميه (ارثنا الاسود) وعن العقاب الذي ينتجه الانتظار العقيم، وعن تجاوز الانسان عن فن الوجود. الا ان مقتله سبب ارباكاً ويقظة لعدد منا، لكنه عرف سابقا وعايش وتوقع غريزة الموت بدرجاتها في كل مبدا من مباد ئ الواقع. لاتنسوا ــ ايها الاصدقاء ــ ان الاستاذ البريكان الذي تعدون شعره مفخرة من مفاخر شعرنا الحصينة، كان اشد التماعا في تمتعه الجذري بما هو مأمول من خير وجمال ونبض. شيء من المعرفة غير العابرة، المعرفة التي هي شعرية لا غير، هذا الشيء من المعرفة هو الذي اضفي علي شعره موهبة الاستقلال الثقافي التي كانت اطارا من الاطارات المساعدة لاتصال شعراء الاجيال بتاريخ شعر الرواد في قصيدة التفعيلة هنا في بلدنا.اصدقائي الاعزاء ; قد اجد عندكم عذرا عن هذا الاختزال في وصف يناسب الظرف، اما العاطفة فان لها اخلاقا لصيقة بفقيدنا من الناحيتين الواقعية والرمزية، فاذا كان ممن يعانون ثقل الوجود وعلى نحو من الصبر الجميل، فقط كان خفيفا علي اصدقائه واشيائه. ان هذا الشاعر لم يذهب بعيدا عن الشعر، لم يفسد ماء قصائده بما هو غير شعري. نم ايها الشاعر بين قصائدك، فالذاكرة تدعوك إلى متحفها الطليق. rnهذه الكلمة القيت في تأبين البريكان في البصرة عام 2002
الوصية الثمينة
نشر في: 31 مارس, 2010: 05:09 م