TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :( زنده بلا ، مرده بلا )

هواء فـي شبك :( زنده بلا ، مرده بلا )

نشر في: 31 مارس, 2010: 08:20 م

عبدالله السكوتي والزنده: الحي، وبلا: البلاء، ومرده: ميت ، وقصة هذا المثل تحكي ان الطاغية تيمور لنك اشتهر بالقسوة  اللامتناهية، وكان اسمه مبعث خوف وفزع لكثير من ملوك الارض.وعند وفاته لم يجرؤ احد على الدخول عليه، ثم دخل عليه وزيره الاول، فلما شاهده مسجى على فراشه تملكه الرعب ، واستولى عليه الفزع،
 فقال يخاطبه 🙁 زنده بلا مرده بلا) اي انك بلاء في حياتك وبلاء في مماتك.هذه الحكاية تشبه الى حد كبير مانحن فيه ، اذ اننا قد تعرضنا في زمن النظام المباد الى قسوة لانظير لها، واخذ احدنا من الخوف (يمشي بسد الحايط) مثل ما يقولون ، ومع هذا لم يسلم على ريشه ، والشعب يتذكر هذا وفي فمه المرارة ، واذا اردت ان تستفز احدهم فما عليك الا ان تقول له : (تريد ذاك النظام يرجع) ، فينتفض حتى وان كان من اعوان النظام السابق لانه يعلم حجم الخراب الذي خلفه في النفوس قبل البنى التحتية، ومن الطبيعي ان هذه الدعوة قد استغلت كثيرا، واثرت على شخصيات وتجمعات ، فاذا اراد شخص ان يتخلص من آخر قال عنه انه (صدامي الهوى) وهذه وحدها تكفي لرميه خارج النجوم بلا دليل اوبينة. واذكر هنا قصة حدثت لاحد الاشخاص المتدينين في زمن النظام السابق، حيث راقبه الامن والحزب بدعوى انتمائه الى حزب ديني، واخذوا يعدون عليه خطواته ، وفي يوم من الايام شعر ان احدا يسير خلفه، فاراد ان ينهي هذه المهزلة ، فدخل الى محل لبيع المشروبات الروحية ، واشترى زجاجتي (بيرة) وخرج امام من يراقبه يتبختر بالزجاجتين ، وعلمنا بعدها ان تقريرا رفع الى الامن العامة من الحزب يقول: ان هذا الشخص قد تحسنت اخلاقه فارفعوا عنه المراقبة، وهكذا سلم صاحبنا من المطاردة والاعتقال ، ولكن المصيبة الان ماذا يفعل من يتهمونه بالصدامية ، اكيد لايفعل شيئاً سوى انتظار رحمة الله.ومن الطبيعي ان تلقي هذه المسألة بظلالها على كثير من الامور والشخصيات ، اطباء واساتذة وكتاب وكفاءات خرجت من العراق بجلودها ، مع العلم انها لم تكن في دائرة الضوء ابان النظام السابق ، بودي ان ننتهي من هذه المسألة وننقي اجواء بلادنا ، كي لاتصبح هذه الذريعة حجة بيد الكثيرين من غير الكفوئين للتأثير على الكفاءات النقية التي لم تعط يدا للنظام السابق ورميها خارج الحدود.وهذه التهمة جاهزة لاتحتاج الى ادلة او تحقيق ، وقضية صاحبنا الذي تحسنت اخلاقه اسهل، اذ انه بمجرد ان دخل الى محل بيع المشروبات نجا ونجت عائلته، اما الان فمن المتعذر الخلاص من تهمة كهذه، طبعا البعض معذور لان الخوف والرهبة والاساليب الترهيبية التي اتبعها النظام السابق  ماتزال ماثلة في خواطرنا ؛ مآس لم تترك احدا بحاله وانما طال الظلم والقهر الجميع وكأنه استحقاق لكل عراقي عاش في تلك الفترة.وانا احسب ان الخلاص من هذه العقدة سيأتي بعد ان يستقر الشعب نفسيا ولايرى صورة احد سيئا كان ام جيدا في القمر، او يوهم بعض الناس انفسهم بعودة من لاعودة له، انه الخوف الذي تأصل في النفوس نتيجة الضغط والتعذيب والقهر والحرمان والظروف غير الطبيعية التي مرت على العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram