TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لغة "العضّ" عند العراقيين

لغة "العضّ" عند العراقيين

نشر في: 7 نوفمبر, 2012: 08:00 م

وقع بين يدي قبل ايام كتاب حول تعريف معنى "لغة الجسد" باللغة الانكليزية، استمتعت به واستفدت منه أيضا. وحين انتهيت منه خطر ببالي فكرة أن استعرض بعضا من خواص لغة العراقيين الجسدية. تذكرت كثرة استخدام للعراقيين "للغمز" بطرف العين او بالحاجب وكيف كانت تستعمله حبيبة حضيري ابو عزيز لتحييه: سلم عليّه بطرف عينه وحاجبه. شخصيا لا اجيد استعمال لغة "الغمز" ولا اعرف حتى كيف ومتى استخدمها. الذي أتذكره، فقط، هو إني عندما اتحدث ويفاجئني احدهم بغمزة من طرف عينيه، يربكني، وقد يرعبني أحيانا. فقد تكون الغمزة اشارة لوجود جاسوس أو مخبر او أن هناك مصيبة ستحدث. المهم هي إني دائما اقرأها على أنها: "دير بالك".
ثم تذكرت "العضّ" حتى بت على يقين بأنه لغة جسدية عراقية صرفة. أكثر العضّ شيوعا عندنا هو عضّ الشفة، الذي يحمل رسائل مختلفة طبقا لدرجة شدة العضّة أو مكانها. ففي حالة الغضب أو الهجوم يعضّ العراقي شفته السفلى بقوة وكأنه يقضمها. وقد يعضها بخفة وسرعة ان أراد أن يقول لك كفى، او كف عن الأكل او الشرب او الكلام. اما عض باطن الشفة، اي من الجهة التي تلاصق الأسنان، فذلك له معان كثيرة وقد تجلب مشاكل على صاحبها خاصة اذا كانت "العاضّة" امرأة.
مرة اقسم  لنا شاعر شعبي على ان فتاة جميلة قد احبته واعجبت بقصيدته من دون الحاضرين. سألناه: وشلون عرفت؟ كانت تعض باطن شفتها طوال قراءتي لقصيدتي. أمتأكد انت؟ والعباس ما تقبل غلط، إنها تموت عليّه. نصحه احد "الخبثاء"، بعد ان أيده، ليصارحها فأخذ شاعرنا بالنصيحة. لا اثقل عليكم بتفاصيل ما حدث، لكني فقط أخبركم بأنه عاد لنا وأثر الصفعة على خده ظل مرتسما لمدة ساعة.
وهناك العضّ على الأصبع. يستعمله العراقيون عند الندم او عندما يحتاجون الى جرعة قوية من "الأدرينالين" قبل العراك. أما المسكينة التي تعضّ طرف إصبعها، وقد يكون ذلك بسبب توتر نفسي لا غير، فقد يلمحها "ذكر" مثل صاحبنا الشاعر الشعبي ويظل بطاردها حتى باب بيتها ظنا منه انها تموت عليه أيضا.
وفي الشعر الشعبي هناك بيت كاريكاتيري من شعر الدارمي شاع انتشاره بين العراقيين يقول:
مكافش من الروس    آنه وزماني
عضيته من علباه     عضني من إذاني
وفي أمثالنا الشعبية يقولون عن الذي يكثر من الطلايب، انه: "يعضعض بصفاحة".
وعن سيئ الحظ الذي أينما توجه يجد الابواب موصدة بوجهه، يقولون :الفكر فوك الجمل والچلب عضة".
وما دمت قد مررت على الشعر وعضّة الكلب، سأختم  كلامي بواحد من اجمل الموالات العراقية، بهذا الشأن،  للشاعر عبد الحسين ابو شبع:
يا صاحبي انبيك باخلاق المكارم چلب
فكّر لها وصير بكشور المعالي چلب
الناس ماهم سوه بيهم شريف وچلب
وبيهم تحسبه وتنسبه وللحسب ينساب
وبيهم شبيه العكربة لو لدغ ينساب
لو سبك النذْل ما عنده عرض ينساب
ولو عضك الچلْب كلي هم تعض الچلب؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. علي سامي

    الاستاذ الفاضل .... ارى ان مواضيع بحثك قد تبدلت وان مايعانيه المواطن قد تركتها وراء ظهرك واصبحت تتكلم عن مواضيع لافائدة منها فما هو السبب ام هناك امور دبرت بليل . افتونا مأجورين .

  2. علي سامي

    الاستاذ الفاضل .... ارى ان مواضيع بحثك قد تبدلت وان مايعانيه المواطن قد تركتها وراء ظهرك واصبحت تتكلم عن مواضيع لافائدة منها فما هو السبب ام هناك امور دبرت بليل . افتونا مأجورين .

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: المتحف المصري.. ومتحفنا!

نهاية الدبلوماسية الكلاسيكية!

العمود الثامن: محنة مصطفى جواد

باليت المدى: هل مات الفن حقاً؟

آفاق المهام العسكرية التركية في العراق

العمود الثامن: في نهب البلاد !!

 علي حسين منذ الأيام الأولى لهذه الزاوية حاولت مثل أيّ مواطن أن أفهم كيف يفكر السياسي العراقي ، لكنني عجزت .. أحياناً أسمع كلاماً منمقاً عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد . ثم...
علي حسين

قناديل: اجهادٌ عقليٌّ يطحنُ ارواحا شابة

 لطفية الدليمي عراقُ اليوم هو محنتُنا الكبرى. هو الهمّ اليومي الذي لا يدانيه همّ صغُر أم كبر. لن نتخاصم في هذه الحقيقة لو كنّا محبّين حقيقيين للعراق؛ لكنّ هذه الحقيقة لا يتوجّبُ أن...
لطفية الدليمي

قناطر: المَدَنيَّةُ تنتصرُ في انتخابات 2025

طالب عبد العزيز على الرغم من النتائج (البائسة) المتوخاة من انتخابات العام هذا، تشرين الثاني 2025، إلا أنها ستسفر عن أكثر من مفصلٍ مهمٍّ؛ يسهم في صنع التحولات السياسية القادمة. أهمها هو الفقر الكبير...
طالب عبد العزيز

فخري كريم رجل الصحافة يحصد الاعتراف

عبد الكريم البليخ ليلةُ الاحتفاء في دبي بدت كأنّها فصلٌ مُنفصلٌ من كتابٍ طويلٍ عنوانه "الاعتراف المتأخِّر". فمنذ اللحظة التي ارتفع فيها اسم فخري كريم عبر نظام الصوت في قاعة "قمة الإعلام العربي" أواخر...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram