مشكور الاسدي في عام 1959 صدرت من سلسلة كتاب الهلال (مذكرات نجيب الريحاني) بقلمه بمناسبة مرور عشر سنوات على وفاته وقدم لها صديقه وزميله الاستاذ بديع خيري بمقدمة حفل بها شخصيته الفذة وقد اعدت في هذه الايام قراءة هذه المذكرات الطريفة، ولفت نظري الى ان الكاتب لم يشر اية اشارة الى سنته ومودته ولامحلها كما لم يذكر شيئا عن اسرته واصلها ونسبها ينحدر من اسرة عراقية في الموصل وله اقارب يعملون في انحاء متعددة من العراق وبعض الاقطار العربية
تحقيق صحفي عن الممثل العبقري واثاره الفنية وذكرياته اشار الاستاذ عبد الحميد الرشودي في (الايام) الى ان والد الفنان العبقري نجيب الريحاني مولود في العراق، فجاء كلام الاستاذ خالص عزمي معقبا على قوله قائلاً: ان الفنان نفسه مولود في العراق ومع ذلك (فهذا لايثبت عراقيته نسبا بل مولدا). اقول: ان الريحاني عراقي صميم مولدا ونسبا، فقد ولد في مدينة الموصل، في حدود عام 1890 ميلادي كما استنتجت ذلك – أي تاريخ الولادة – من مذكراته التي سيأتي نبوءها بعد قليل، وهاجر ابواه به وبأخيه الاكبر الى مصر وهما صغيران. واسرته في العراق ذات فروع، وابناؤها معروفون يعيشون بيننا في بغداد والبصرة وكركوك والموصل، وفي الاردن قبيل منهم. ان استقاء حقيقة عراقية الريحاني من اسرته هو القول الفصل في الموضوع، ويقطع السبيل على من يشك في هذه النسبة. كنت اعلم منذ عام وفاة الريحاني 1949 ان بعض افراد اسرته في العراق حاولوا التحري عمن خلفه من ثروة في مصر وامكان استفادتهم منها كوارثين، فكان الجواب ان الذي ورثه هو شقيقه يوسف المذكور انفا، وكان من تركته بيت شيده (فمات قبل ان يسكنه وكان يريد ان يخصصه بعد وفاته ملجأ للممثلين المتقاعدين)، كما ذكر ذلك الاستاذ بديع خيري في مقدمة مذكرات نجيب الريحاني. وكان ممن يعلم هذه الحقيقة ايضا الاستاذ المحامي بهاء الدين الضراع الذي تربطه صداقة ببعض اسرة الريحاني في بغداد.منذ اسبوع زرت مع الاستاذ الضر اع السيد سليم الريحاني، الذي يشتغل في بعض الاعمال الحرة، ولي به معرفة قديمة فسألته عن نجيب، وبرغم انه افادني ببعض المعلومات عنه وعن اسرته الموصلية، احالني على شخص اخر، من العائلة للاستزادة من هذه المعلومات، وهذا الشخص هو الاستاذ يوسف الريحاني مدير قسم الترجمة في مصلحة الكهرباء الوطنية وهو اليوم من أنبه افراد الاسرة، وقد عمل فترة في الصحافة واصدر مجلة اسبوعية باسم (الاخبار المصورة) عاشت سنتين (1940 -1942) وله معجم ضخم باصطلاحات العلوم والفنون والصناعة والزراعة والكيمياء والفيزياء والميكانيك باللغة الانكليزية وما يقابلها باللغة العربية حبذا لو عطف المجمع العلمي العراقي نظره الى هذا الكتاب وجرت محاولة طبعه والاستفادة منه. زرت الاستاذ يوسف في داره، قد سر للاهتمام المبذول في الحديث عن عراقية قريبة المرحوم نجيب واطلعني على شجرة نسب الاسرة. ان نجيب هو ابن الياس بن قسطنطين بن بهنام بن يعقوب بن عبد الرحيم. وعبدر الرحيم هذا هو الجد الاعلى للاسرة ، هاجر الى الموصل تاركا مسكنه في (خربوط) الواقعة غربي ديار بكر ومعه ابنه يعقوب. وكان عبد الرحيم يعرف بالصباغ للاقمشة والثياب وزركشتها وتنميقها بالالوان وهو عمل يدخل فيه عنصر الفن من باب جميلة. وقد حل لقب (الريحاني) محل لقب (الصباغ) في الاسرة حين وصف معاصرو احد احفاد عبد الرحيم بالريحان لرقته وبهائه.وعند بهنام يلتقي فرع الاستاذ يوسف بفرع نجيب.وقد تفرقت الاسرة واتشعبت في غضون المؤرخين بعضها، ومنها اليوم فرع في الاردن كما تقدم، الى جانب فرعها في مصر اما الاصل ففي العراق، ومنه، وكان الاتصال بالمراسلة مستمرا الى وقت قريب بين فرع الاردن وبعض افراد الاسرة في الموصل، كما كان يوسف شقيق نجيب يكاتب من مصر المرحوم القس جرجس الريحاني في الموصل المتوفى منذ عقد من السنين، وهو عم يوسف الريحاني الذي زرته منذ اسبوع وافادني بكثير من هذه الافادات ، وكان مضمون هذه الرسائل المتبادلة ينحصر في السؤال عن احوال الاسرة وما الى ذلك من المجالات وازجاء العواطف، وربما تكون هذه الرسائل محفوظة حتى اليوم لدى احد من افراد الاسرة في الموصل او غيرها، من المدائن العراقية التي يعيش فيها الريحانيون.وفي الموصل التي انبتت هذا العبقري لاتزال دار اسرته قائمة تحمل على بابها أو على احد حيطانها تاريخ بنائها الذي يعود الى ما قبل حوالي (200) عام الى جانب بيت او بيتين من الشعر المناسبين للمقام حسب ذوق الذي شيد الدار في ذلك الحين وهذه الدار واقعة في محلة الساعة (جولاغ). قال لي السيد يوسف ان نجيبا حين توفى كتبت عنه بعض الصحف في سياق نعيه بأنه ابن الياس الموصلي. ومن المعروفين من هذه الاسرة العراقية المرحوم داود بن نعمان وهو والد السيد سليم المار ذكره، وكان اديبا له كتاب بعنوان (بلوغ الارب في امثال العرب) جمع فيه من الامثال العربية بمقدار ما استطاع. وشرحها والكتاب لايزال مخطوطا لم يطبع. وتولى بعض افراد الاسرة مناصب ذات اهمية اجتماعية في حينه فقد كان جد الاستاذ يوسف الريحاني (واسمه يوسف ايضا) عضوا في مجلس الادارة بولاية الموصل في العهد العثماني. واكبر افراد الاسرة اليوم هو السيد بهنام شقيق السيد يوسف ديسكي في البصرة. ومن افرادها في بغداد ايضا الدكتورة سيرانوش الريحاني. واعود الى نجيب..فأقول اني حضرت بعض حفلاته المسرحية، كما رايته مرة في حال
نجيب الريحاني نابغة المسرح العربي
نشر في: 2 إبريل, 2010: 05:32 م