TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > نجيب الريحاني

نجيب الريحاني

نشر في: 2 إبريل, 2010: 05:36 م

كريم مروةتشير سيرة نجيبب الريحاني، الفنان المصري من اصل عراقي ، الى ظاهرة تعددت نماذجها في دنيا الفن  والفنانين في عالمنا العربي، جوهر الظاهرة يتمثل في ان اشخاصا كانوا عاديين في نشأتهم ، وفي حياتهم الاولى وفي وسط عائلات من مستويات اجتماعية مختلفة، تحولوا في ظروف صعبة وقاسية وفي المعاناة، وفي الصدف في احيان كثيرة، الى شخصيات فنية كبيرة تركت بصماتها على الحياة الفنية في بلدانهم، وبمقدور أي قارئ لسيرة نجيب الريحاني
ان يرى كيف تكونت ظاهرة هذا الفنان الكوميدي، ضد طبيعة الظروف وضد صعوبات الحياة، وكيف اقتحم بعناد وبكفاحية طريقه الى المسرح الذي صنع له وللمسرح، في زمانه المجد على امتداد التاريخ الحديث، ومن مرائف ظاهرة الريحاني في المسرح انه تحول ضد ارادته وضد وجهته في العمل المسرحي، من المسرح الميلودرامي الى المسرح الكوميدي، وتكون مجده المسرحي  في الكوميديا التي يقول الناقد المصري علي الراعي بأنها، أي الكوميديا قد ارتقت الى مرتبها العليا على يد نجيب الريحاني ممثلاً، ومعه صديقه الشاعر بديع خيري، وقد وصف بديع خيري بدقة معاناة الريحاني في المقدمة التي وضعها لمذكرات صديقه، وقدم للقارئ صورة عن هذا الفنان المسرحي الكبير. يعتبر نقاد المسرح المصري المعاصرون ان نجيب الريحاني هو الذي فتح امام المسرح المصري الابواب على مصراعيها من خلال تجربته الفذة، من دون ان يكون، في التأليف او في الاخراج او في التمثيل بمستوى كبار كتاب ومخرجي المسرح العالميين ، كانت تجربته ذاتها هي المدخل الحقيقي الى جعل المسرح في الحياة المصرية وفي حياة الشعب المصري، جزءاً حقيقياً من هذه الحياة، لذلك يطلق عليه بعض النقاد صفة "ابو المسرح المصري الحديث، ربما ببعض المبالغة لا بأس. سمعت باسم نجيب الريحاني وبمسرحه الحديث منذ ان بدأت في سن مبكرة الاهتمام بالمسرح، وقراءة ما كان يصل إلي من نصوص مسرحية باللغتين العربية والفرنسية، وعندما ذهبت، لأولا مرة الى القاهرة في عام 1954، كنت قرأت معظم ما نشره توفيق الحكيم من مسرحيات، الى جانب ما وصلني من نصوص لكتاب مسرحيين فرنسيين وإيطاليين على وجه الخصوص، لكن معرفتي بمسرح نجيب الريحاني كانت لاتزال ضبابية، الا ان علاقة الصداقة التي ربطتني ، منذ ذلك التاريخ بالشاعر والروائي والكاتب المسرحي عبد الرحمن الشرقاوي، وبالكاتب المسرحي ألفرد فرج، وبالممثل البارع حمدي غيث الذي كان يعتبر يوسف وهبي مثله الاعلى في التمثيل، علاقة الصداقة تلك قادتني الى معرفة ما كنت بحاجة الى معرفته، ولو بحدود معينة، عن نجيب الريحاني. قبيل رحيله في عام 1949 كتب الريحاني مذكراته التي يروي فيها سيرة حياته، السيرة الفنية خصوصاً، ونقتطف من هذه المذكرات بعض الفقرات التي يشرح فيها الريحاني بدايات حياته الفنية، منذ شبابه الباكر، والصعوبات التي واجهته، من دون ان تحط من عزيمته، يقول الريحاني في مطلع المذكرات ، تحت عنوان "اول الطريق": لست بحاجة الى ان أرجع بالذاكرة الى اليوم الذي تلقفتني به يد العالم. فأذكر اليوم والشهر والسنة. يكفي ان اقفز الى سن السادسة عشرة حين غادرت مدرسة الفرير في الخرنفش، بعد ان تزودت بالمؤونة الكافية من تعليم وخبرة. كنت حينها اميل الى دراسة آداب اللغة العربية وأتوسع في الحصول على اكبر قسط من فنونها لاسيما الشعر وتاريخ الشعراء.. ولم أكتف بما كنت أتلقى في المدرسة. فجيئ لي بمدرس خاص اسمه الشيخ بحر، وكنت ألقي عليه بعض المحفوظات بصوت جهوري ونبرات تمثيلية ، فكان الشيخ بحر يعتبر ذلك نبوغاً وعبقرية. ومن هنا نشأت عندي هواية التمثيل، وكنت من وقت لآخر أقوم بتمثيل بعض الروايات على مسرح المدرسة، ثم هجرت المدرسة والتحقت بسلك موظفي البنك الزراعي حيث كان من بينهم الاستاذ عزيز عيد الذي كان الى عمله ، يحب التمثيل. وأشير هنا الى ان اول رواية اشتركت في تمثيلها كانت "الملك يلهو" من ترجمة الاستاذ احمد كمال رياض بكن ولم اكن في هذا الوقت اميل الى الكوميديا، بل كانت هوايتي منصبة على الدوام وحده، وكم كنت استظهر قصائد هيجو واشعار المتنبي ولزوميات ابي العلاء ، ثم أخلو بنفسي وابدأ بالالقاء والتمثيل". ويقول الريحاني في خاتمة المذكرات تحت عنوان "نتيجة": والان يا قارئي العزيز اقف لحظة قبل ان اضع القلم من يدي لأتذكر وإياك أنني قصرت ما نشرت على حياتي العملية ولم أمس الحياة الخاصة الا مساً خفيفاً، وها أنا، بعد ان تذوقت حلو الحياة ومرها حتى الثمالة، اقرأ واعترف ان الواضع إسمي بخطي أدناه، نجيب الريحاني اني خرجت من جميع التجارب التي مرت بي بصديق واحد هو كل شيء، هو المحب المغرم الذي اتبادل وإياه الوفاء الشديد والاخلاص الاكيد، ذلك الصديق هو عملي!! وكثيرا ما اتذكر مع الاخ الصديق بديع خيري واعترف وإياه بأننا كوفئنا حق المكافأة. إذ اكتسبنا جمهوراً يقدرنا ويقدر عملنا، وان كان حظنا من الناحية المادية هو حظ الاديب في مصر.. ولكن معلهش برضه..مستورة والحمد لله وكل ما يهمنا هو ان نشعر بأن علينا رسالة نؤديها للوطن المحبوب، وقد أديناها كاملة وكوفئنا على هذه التادية، وحتى لو فرضنا أننا لم نكافأ فما كان ذلك ليحول بيننا وبين اداء الواجب". اما صديق الريحاني ورفيق دربه الشاعر بديع خيري، فيعدد في قراءته لسيرة حياة الريحاني الفنية، بعض الصور التي تختصر هذه السي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram