عامر القيسيعزيزي السياسي المحترم اذا أردت ان لاتتهم بالعمالة لاية جهة كانت بما في ذلك الدكان القريب من بيتك اذا كنت خارج المنطقة الخضراء فاجلس في بيتك واغلق باب دارك واترك الامور تجري بما تشتهي السفن !
التقليعة السياسية " القديمة – الجديدة " هي الاتهامات الجاهزة والقاسية ، وهي ليست اتهامات من طراز السذاجة السياسية أو الفهم الميتافيزيقي للواقع التجريدي ، بمعنى ان مثل هذه الاتهامات لاتخدش السمعة الوطنية للسياسي أو تأريخه النضالي وغير النضالي . الاتهامات الجديدة لقبها جاهز وهو " العمالة " .. اذا زار احد السياسيين طهران، على سبيل المثال ، اتهمه الآخر بالعمالة واستلام الصكوك وتخريب الوطن ، واذا زار الثاني دمشق ، ايضا على سبيل المثال ، اتهمه الأول بالعمالة وبيع الوطن في مزادات القوميين الاقحاح ، ولو التقى سياسي عراقي مسؤولا امريكا أو زار واشنطن ، فانه عميل من الدرجة الاولى في وكالة المخابرات الامريكية ، والحال نفسه ينطبق على من يزور السعودية ، حتى لوكان السبب اداء مناسك الحج أو العمرة ! وعلى هذا المنوال من الاتهامات تفعل هذه التقليعة فعلها في الاعلام الذي يتناقل الاتهامات بأسرع من البرق على قاعدة " ناقل الكفر ليس بكافر "، ويتبنى بعض الكتاب على عاتقه تسويق هذه الطروحات العاجزة عن فهم تعقيدات الوضع العراقي أو لاتريد ان تفهم اساسا !واشتدت سخونة الاتهامات قبل الانتخابات في محاولات تسقيطية مارستها للاسف مختلف القوى بنسب وأشكال متفاوتة ، والذي لم يسعفه الحاضر بادلة " لايخر الماء من تحتها " ، التجأ الى الماضي لينبش في قبوره لعله يجد صورة هناك أو تصريحا هنا أو ابتسامة عفوية مع رئيس أو وزير أو مسؤول من الدرجة العاشرة في هذا البلد أو ذاك من دول الجوار أو في الاقاصي البعيدة . الدولة الوحيدة التي لايوجد لدينا عملاء لها الآن هي " الاتحاد السوفيتي " سابقا ، والتي لم تشهد الوضع السياسي العراقي الجديد ولو بقي الامر كما كان سابقا فان الشيوعيين العراقيين أول العملاء ، لانهم يرفعون المظلات في بغداد عندما يشتد المطر فوق موسكو !ويستمر مسلسل الاتهامات ، بعد الانتخابات بايقاع اسرع ، فلو استجاب سياسي لدعوة في الصومال ،مثلا ، فان ابواب جحيم الاتهامات تنفتح عليه دفعة واحدة ، والسبب بكل بساطة ، لانه ذهب لغرض تشكيل الحكومة العراقية في مقاديشو !وبواقعية اكثر ، فالذي انتقد اللقاء مع البعثيين الصداميين ، التقى بهم فيما بعد وبرر ذلك بانه التقى بمن لم تتلطخ ايديهم ! والذي شتم وسب الامريكان ولم يأت على ظهر دبابة ،اصبح صديقا حميما لهم وزائرا مرحبا به في سفارتهم ومستمعا جيدا لنصائحهم ، والذي اتهم ايران باثارة العنف في العراق ودعم الميلشيات المسلحة ، تحوّل، بقدرة قادر، الى رسول سلام في طهران أو في سفارتهم في بغداد من اجل العراق وامنه واستقراره .ثقافة سياسية بائسة حقا ،تعبر عن خواء وفراغ سياسيين وعدم فهم حقيقي للوضع العراقي وعلاقته بالمحيطين الاقليمي والدولي وتداخلاتهما. ثقافة سياسية جامدة ليس بمقدورها التفريق بين المناورات السياسية والمبادئ والعمالة أو تنفيذ أجندات الآخرين بحسن نية أو بدونها ، وليس بمقدورها ان تفهم اننا لكي ننام دون ضجيج علينا طمأنة الجيران ان حجارتنا لن تصيب زجاج نوافذهم .
كتابة على الحيطان :النفاق السياسي
نشر في: 2 إبريل, 2010: 08:45 م