اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مصطفى لغتيري يروي تفاصيل "ليلة إفريقية"

مصطفى لغتيري يروي تفاصيل "ليلة إفريقية"

نشر في: 3 إبريل, 2010: 06:15 م

هشام بن الشاويالـمــغــرباعتاد  الصديق، القاص والروائي مصطفى لغتيري أن يفاجئني بجديده. قد يتبادر إلى ذهن البعض أني أواظب على الاحتفاء بكتاباته من باب المجاملة. لكن، أحيانا، تصلني  بعض الإصدارات، وأرميها في سلة المهملات مباشرة، فقليلة هي الكتب التي تشدني، وتغريني بقراءتها، أحرى الكتابة عنها. في روايته الجديدة، والتي قرأتها  خلال  جلسة واحدة، متنقلا بين فضاءات
ما بين الدارالبيضاء(المدينة- الغول التي تمارس سطوتها حتى في العوالم التخييلية، وتحضر، بشكل رهيب، في المتون الحكائية المغربية)، والرباط وفاس، وبين عوالم واقعية وأخرى تخييلية، راصدة علاقة الكاتب الملتبسة بالكتابة، بالحب وتفاصيل اليومي.تبدأ الرواية  بتشريح السارد /يحيى البيضاوي لمعاناته.. شيخوخته ووهنه ووحدته وفراغه العاطفي وكآبته.. فهو يدب  نحو الستين،  بلا أسرة ولا نسل، فضلا عن تجاوز الزمن له ككاتب، صار يعيش على أمجاد الماضي، وتجاهل النقاد والمبدعين الشباب له، باعتباره كاتبا تقليديا، مقابل احتفائهم بالتجارب الجديدة، ويفرح بالدعوة للمشاركة في لقاء أدبي بفاس حول الرواية المغربية.في القطار سيتعرف على كريستينا، شابة إفريقية، تدرس بمدينة سطات، وهي في طريقها إلى  فاس لحضور مهرجان للفلكلور الإفريقي، ومن خلال حديثهما تفصح عن  استيائها من تلك النظرة الدونية للمغاربة نحو الأفارقة وكذلك المغاربة سود البشرة، مثلما تنزعج  من لعب المغرب - بسبب موقعه الاستراتيجي- دور دركي الحدود لأوروبا، رغم أنه بلد إفريقي.في اللقاء الأدبي، سيتعرف إلى  روائية شابة، تدعى أمل المغيث، يتركان المناقشات، ويذهبان  لحضور المهرجان، وتقترح عليه كتابة رواية مشتركة، وهو الذي جف معينه الإبداعي، وجعل كريستينا بطلة الرواية.. ومثلما جعل ماركيز ويوسا عنوان روايتيهما "امتداح الخالة" و"ذكريات عاهراتي الحزينات" مستوحى من مخطوط يكتبه بطل الروايتين، يختار  مصطفى لغتيري، أو بالأحرى يحيى البيضاوي وأمل المغيث اسم الرواية -" ليلة افريقية"- بعد مشاهدة الرقصات الفلكلورية الإفريقية، ويبدآن في مناقشة تفاصيل الخطاطة الأولية للرواية، وهكذا نصير إزاء رواية داخل رواية، أو بتعبير أصح ميتا رواية، وعبر تلك النقاشات الحادة واختلاف الرؤى النقدية بين المتدخلين، يمارس  لغتيري "تجريبيته " الخاصة، ليبرهن على درايته النقدية، منحازا إلى كاتبه التقليدي،  الذي تجاوزه الزمن،  ويرى أن الرواية يجب أن تتضمن حكاية، فضلا عن كون الرواية التي بين أيدينا، كتبت على غرار  الرواية التقليدية،  وهذا ليس انتقاصا من قيمة الرواية أو كاتبها المبدع، فقد سبق أن مارس  لغتيري التجريب في أعمال سابقة، ولو على احتشام... منها  رواية "رجال وكلاب" التي ركز فيها على التشظي والسرد النفسي، مع ما يتطلبه من إلمام بمجال التحليل النفسي، وفي رواية "عائشة القديسة" استثمر  مصطفى أسطورة "عايشة قنديشة"، وفي نقاش سابق مع الروائي برر سبب تجاهل القارئ المغربي للرواية المغربية كونها لا تتضمن "حكاية"، وهو أساس الرواية، لهذا يقبل على الرواية المشرقية والعالمية، متفاديا روايات التحذلق السردي والهلاوس، والتي لا تشي سوى بشيء واحد، وهو عجز الكاتب عن  سرد حكاية تخلق ألفة بين المتلقي والشخوص.عبر كوة السرد الحلمي والاستيهامي، تغوص الرواية في  فضاءات إفريقية بطقوسها العجائبية والفنطاستيكية، من خلال حلم يحيى وحلم أمل،  وعبر هذه المنامات أو اللاوعي السردي،  ينوع  الكاتب محكياته، كما يستثمر التناص أيضا، من خلال حديث  يحيى البيضاوي عن رواية له،  استلهم فيها شخصية تاريخية المهدي بن تومرت.هكذا سيبعث مشروع الرواية  المشتركة  في نفس السارد الأمل في الحياة وفي الكتابة، لكن سينتابه الحزن حين يعلم أنها  مخطوبة، ويتألم أكثر عند رحيلها المفاجئ، وبدوره يغادر فاس، ويعلم -عبر  رسالتها-  أن سبب مغادرتها إصابة خطيبها بشلل نصفي بعد حادث سير، ويتواعدان على اللقاء في الرباط، حيث ستحضره للعلاج في مستشفى السويسي. هذه الإصابة، تبدو ليحيى أملا  جديدا في الارتباط بها، سيتمسك به- ولو إلى حين... ومن مقهى مقابل للبرلمان، يعاينان الهجوم الوحشي لقوات الأمن  على المتظاهرين من الشباب المعطلين،  حيث يفتك الشعب بالشعب، وحين يلفت انتباهها إلى عدم ملاحظتها  اهتمامها به، تدرك قصده، ويتوجع، ومثلما تلاشى الأمل في الحب.. يتبخر مشروع الرواية، بسبب عجز أمل/شهرزاد الرواية عن الوفاء بوعدها (ألم تكن شهرزاد- الجدة هي التي بادرت إلى اختلاق الحكايات الألف ليلية؟) بسبب تنقلاتها، ورحلات العلاج.. وبموت الأمل،  وفقدان السرد لأنوثته، لا يبقى أمام يحيى سوى  انهزام الذات واغترابها، واللجوء إلى إحدى حانات الدار البيضاء، والعيش على أمل دعوة جديدة للمشاركة في أحد اللقاءات، والتي قد لا تأتي أبدا، وكل ما يفكر فيه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram