TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (بغداد دار المعزه والمذلة بوان)

هواء فـي شبك: (بغداد دار المعزه والمذلة بوان)

نشر في: 3 إبريل, 2010: 07:44 م

عبدالله السكوتي قالوا في بغداد قديما انها جنة الارض، ومجتمع الرافدين دجلة والفرات، وواسطة الدنيا ، ومدينة السلام ، لانها غرة البلاد ومجتمع الطرائف والطيبات، ومعدن المحاسن واللطائف، وبها ارباب النهايات في كل فن، وآحاد الدهر في كل نوع ؛ وقالوا عنها انها حسرة الملوك لان كل ملك يحب ان يستولي عليها ،
ويحكى ان الدولة العثمانية اشتركت في الحرب العالمية الاولى وساقت عشرات الالاف من ابناء العراق الى سوح القتال في قفقاسيا في منطقة اسمها (وان) لمحاربة الروس ، فأثر اختلاف الجو فيهم ، كما اثر الجوع والتعب وطول الغربة واشتاقوا الى الوطن الحبيب ؛ فبث احد البغداديين شكواه في زهيري ختمه بقوله: (بغداد دار المعزه والمذله بوان).لقد نفث هذا البغدادي مافي صدره وهو بعيد عن بغداد؛ امانحن فلاننا فيها فقد اعتدنا على النظر يوميا الى مصائبها فأصبحنا جزءا من الهم الذي تعانيه ، وحملت همومنا وحملنا همها ، نحاول ان نخفف عنها ماحل بها ، وتخفف هي عنا ماحل بنا ؛ لقد تجزأ الاهتمام واصبحت بغداد وحيدة تنظر بعين العطف وترجو انصافها بعد عزها القديم ، حيث قال فيها احد الشعراء:افاضل الدنيا وان برزوا            لم يبلغوا غاية استاذهااما ترى امصارها جمة              ولاترى مصرا كبغدادهاوغادرها من غادرها مضطرا وهو يذرف الدموع وينشد:ان يوم الفراق قطّع قلبي           قطّع الله قلب يوم الفراقوبعد ذلك حاول من حاول العودة قديما وحديثا ، لكنه لم يوفق ، فالذين غادروا ملئت مناصبهم في الدوائر ، واحتلها اناس آخرون ، ولذا حين عادوا بمؤتمرات الكفاءات التي عقدها رئيس الوزراء نوري المالكي ، بعد ان دعا هؤلاء الى العودة وجدوا ان الوجوه تغيرت وتسلق من تسلق على اكتافهم ، ومن ثم حوربوا وهم بعيدون عن بغداد، واصدرت بحقهم مذكرات مختلفة كي تقطع امامهم طريق العودة وتحرق السفن ، في زمن النظام السابق وفي هذا الزمن.اتصل بي هاتفيا وقال: انه مشتاق الى بغداد وذرف دموعا غزيرة ؛ نشج نشيج الوالهات ، قال لي : كيف بغداد ؟قلت: خلت من صوت (داخل حسن) وغادرتها ام كلثوم واسطواناتها الشيّقة، وكأس ابو نواس لم تزل  فارغة تشكو الصحو ، وشهريار نام وشبع نوما ، فلماذا تبكي..؟ تأس بقول ابي الطيّب المتنبي:اذا ترحلت عن قوم وقد قدروا           الا تفارقهم فالراحلون همونحن الان على اعتاب مرحلة جديدة ، ربما تفتح ابواب العودة للجميع ، وبضمنها انتم الكفاءات، وسوف يغادر من تطفل على كرسي لايمتلك حق الجلوس عليه.لكن مع ماحدث ومايحدث تبقى بغداد دار المعزة مع ماتعاني من اهمال ومزابل، وسيأتي عصر ذهبي آخر يعيد اليها عافيتها، وتتخلص من النفايات التي تملأ الطرق والازقة، كما ستتخلص من النفايات البشرية التي اتخمتها وصادرت عافيتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram