TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الفلاح يقرع جرس إنذار

الفلاح يقرع جرس إنذار

نشر في: 7 نوفمبر, 2012: 08:00 م

إذا كانت العواطف تنتقل بالعدوى - كما يقولون-- فإن الأفكار الخلاقة التي غيرت مسار البشرية، لا سيما العلوم بتصانيفها المتعددة، لا تنتقل ولا تنتشر ولا تنضج إلا بفعل التلاقح. النصيحة المجانية التي طالما ترددت على الألسنة (لا تفكر باختراع العجلة التي ابتكرها غيرك قبلك بآلاف السنين) تعادل كنز نصائح...... أتمم ما بدأه غيرك، فحرام أن تعود القهقرى لتبدأ من جديد. فقد اعتلى الخلف الصالح فنار آخر محطة توقف عندها قطار السلف ليستأنف المسيرة صعودا، ما من أحد من العباقرة - قدامى ومحدثين --نبذ ما جاد به العقل البشري من أفانين المعرفة، إلا وهذبه وشذبه،وطوره، وأصلح خلله، او أضاف إليه، عبر محاولات واعية، صبورة، مثابرة، عبر استقراء وبحث، وإعادة بحث، وتجربة وتكرار التجربة، لو لم يكتشف نيوتن الجاذبية، وأرخميدس، قوانين الأجسام والسوائل، وباسكال، قاعدة الأواني المستطرقة، لو لم يحاكم غاليللو بتهمة الهرطقة، وإصراره على كروية الأرض ودورانها، والشمس وثباتها، لو لم يبشر أنشتاين بفاعلية النظرية النسبية،لو لم تكتشف مدام كوري الراديوم، وماركوني الموجات اللآسلكية، وجيمس واط قوة البخار، وما تبعه من اختراع الكهرباء وسبر أغوار الفضاء, وفض واقتحام أسرار عالم الاتصالات، إلى آخر المنجزات والمعجزات العلمية المحيرة، التي كان مجرد التفكير بها وفي معطياتها يكفي لاتهام المفكر بالخبال وسوقه لمحاكم التفتيش بتهمة التجديف والهرطقة.. لولا هؤلاء وجمهرة من الأفذاذ الذين سبقوهم أو تسلموا الراية منهم, لما واصل التقدم العلمي والتقني مسيريته الأسطورية.ما مناسبة هذا الكلام البديهي الآن؟ مناسبته مريرة شديدة المرارة: مشهد فلاح عراقي أنهكته العلل، وعصف في كيانه سوء التغذية، يجازف باعتلاء نخيلات ضامرات لتعفير لب النخلة المصابة، تماما كما كان يفعل جده في القرون الوسطى ,ومقارنته بفلاح عصري في دولة من دول العالم المتقدم ,حيث عرفت حقوله منجزات المكننة وجاست المكائن المتطورة في ثنايا الأرض وأخاديدها: حرثا وبذارا وسقيا ومداواة وحصادا وتعبئة...........له الندامة الفلاح العراقي. في كوخه الطيني تلفزيون بفضائيات وفي جيبه هاتف إلكتروني،وفي صدره غصة حرى.. فما برح يستعمل المسحاة ساعة الحرث،ويسقي الزرع بالدلو، ويرش المبيدات بمضخة قتل البعوض!ولا يعرف طريقة لتلقيح النخل غير صاعود الخوص والقن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram