بات مؤكداً فوز باراك أوباما بأربع سنوات جديدة سيداً للبيت الأبيض, بعد تخطيه حاجز 270 صوتاً في المجمع الانتخابي, ولم يعد عليه انتظار النتائج النهائية التي قد ترفع عديد أصواته في ذلك المجمع, وحسم مبكراً سباقاً رئاسياً توقع كثيرون أن يطول وأن تتارجح نتائجه بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري, كما حصل عام 2000, حين ادت عملية اعادة تعداد الاصوات في ولاية فلوريدا الى تاخير اعلان الفائز بالرئاسة لمدة شهر, وانتقال الحسم في قضية رئاسة بوش الإبن إلى المحكمة العليا.
أوباما الذي كسر القاعدة فكان أول سيد أسود في البيت الأبيض منذ أربع سنوات رافعاً شعار الأمل والتغيير يكسر اليوم قاعدة سادت منذ الحرب العالمية الثانية, سائراً على نفس الطريق الذي سبقه اليه مرة واحدة الرئيس بيل كلنتون بفوزه بالمقعد الرئاسي لدورتين متتاليتين, وهو في رئاسته الثانية سيكون متحرراً من ضغوط كثيرة, وفي مواجهة قرارات كونية استراتيجية جرى تأجيلها وفي مقدمتها مواجهة الطموح النووي الايراني, وهو طموح يحتاج إلى قرار كان ينتظر من رومني أن يتخذه بمجرد أن تطأ قدماه عتبة البيت الأبيض.
ردود الفعل العربية المتوقعة لن تخرج عن اطار الترحيب, ويمكن لنا أن نستثني من ذلك المعارضة السورية التي تؤكد أن أوباما خذلها, وكانت تأمل سنداً صقورياً في رومني, وكذلك بعض النخب الكويتية التي تأخذ على الرئيس الديمقراطي دعمه لحراك الربيع العربي مع الخوف من وصول نسائمه الى بلادهم, الجزائريون يرون أنه الأقل سوءاً, والمغاربة يعتبرون علاقتهم استراتيجية مع واشنطن بغض النظر عن الرئيس, والسعوديون يرون أن سياسات واشنطن ثابتة, وفي مصر والاردن والامارات يفضلون بقاء أوباما.
فقد الجمهوريون مقعد الرئاسة, رغم أن مرشحهم كان أعد خطاب الفوز, وحدد عدد كلماته, ورغم الدعم غير المحدود من حزب الشاي, المتمسك بحرفية الدستورلرومني, لكنهم احتفظوا بالأغلبية في مجلس النواب, في حين سيحظى الرئيس الديمقراطي بمركز القوة في مجلس الشيوخ, وكان خطاب الهزيمة الذي تأخر رومني قليلاً في إلقائه مرتجلاً, وتضمن ترسيخاً للتقاليد الديمقراطية, حين بعث بالتهنئة لخصمه, متمنياً له النجاح في قيادة الأمة, ولعله مناسب أن يكون درساً لكل متعاطي السياسة في عالمنا العربي.
تميزت هذه الانتخابات بحجم الانفاق المالي من قبل الطرفين ووصلت الى أرقام قياسية حيث تجاوزت الستة مليارات دولار في السباق الى البيت الابيض والكونجرس, وهي بالنسبة للمرشحين للرئاسة بلغت 2,6 مليار دولار, كما تميزت بالمشاركة الهائلة من قبل مواقع التواصل الاجتماعي حيث أعلن موقع تويتر أنه احصى 11 مليون تغريدة في الساعات الاولى من مساء الثلاثاء عن الانتخابات الرئاسية، ما يجعلها الحدث السياسي الأكبر في تاريخ الموقع, واستخدم ملايين الناخبين موقعي تويتر وفيسبوك للإعلان عن هوية المرشح الذي انتخبوه. وبحسب دراسة فإن 22 بالمئة من الاميركيين أعلنوا خلال الأيام الماضية عبر تلك المواقع هوية المرشح الذي سيصوتون له.
ما يهمنا في هذه المنطقة وبرؤية استراتيجية, أن رومني كان المفضل للفوز عند إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة, وأن أوباما كسر الوهم السائد في العالم العربي, بأن اليهود هم من يملك مفاتيح البيت الأبيض, وليس سراً أن نتنياهو كان يفضل أن يغادر أوباما ويفوز رومني, ولنا هنا أن نسأل عن تداعيات نتيجة الإنتخابات الأميركية على نتائج الانتخابات المبكرة في إسرائيل التي يأمل نتنياهو أن يحصل خلالها على تفويض شعبي جديد يسمح له بالاستمرار في المماطلة والمراوغة فيما يخص الحل السلمي للقضية الفلسطينية.
أوباما رئيساً مرةً ثانية
[post-views]
نشر في: 7 نوفمبر, 2012: 08:00 م