كاظم الجماسي منذ ان تعلمت البشرية حرفها الأول في التدوين والإنسان ما فتئ يتعلم ويتعلم من دون توقف او انقطاع، مثله مثل ظامئ أسطوري، وهو فعلا كذلك، لايرتوي وان شرب محيطات الأرض، بل المجرات كلها ومنذ ذلك الحين توثقت الصلة بين الإنسان والكتاب بنحو لا فكاك منه،
ولم يكن الامر يسيرا أو سهلا بل اكتنفته عقبات ومصاعب عدة، حتى أمسى الكتاب الوسيلة الأشد فاعلية وتأثيرا في تعميق التواصل والتفاهم بين بني البشر، فضلاً عن تمثيله ذاكرة خزنت التجارب المؤلمة والمفرحة والتي كابدها وعاشها الإنسان وبالتالي صار له بفضل ذلك تاريخ يعتد به ويعود الى ذلك دائماً كلما دعت الضرورة الى اتخاذ موقف او تأسيس رأي حيال ما يواجهه من تقلبات أحوال الحياة وصيرورتها.وليس بالمستطاع البت بنحو قاطع عن تاريخ أول مكتبة أسسها الإنسان فهناك عدد من الرقم والألواح الطينية التي دون عليها ابن الرافدين او ابن النيل لواعجه وهمومه وأحلامه وكوابيسه واستمر الحال على هذا المنوال حتى أقيمت إمبراطوريات وممالك ودول فكان لابد من ان تتسع رقعة انتشار الكتاب وحجم خزائنه فكانت مكتبات بغداد في العصر العباسي نموذجاً ساطعاً لبلوغ الحضارة شأناً رفيعاً في هذه البقعة من الأرض، ومن ثم هنالك مكتبة الاسكندرية الشهيرة التي حوت أركان المعرفة الإنسانية من كل حدب وصوب، وظلت علاقة الإنسان بالكتاب بين مد وجزر فحين تستقيم أمور الحياة للناس ازدهرت عملية تعاطي الكتاب وبالتالي ازدهرت أسواقه ولما تنتكس تلك الحياة بفعل الغزو او الاستبداد الذي كابدته البشرية وذاقت مرارته بتأثير استبداد الطغاة حتى يومنا هذا.قيل في علاقة الكتاب بالإنسان وهي حتما علاقة من نوع فريد وخاص جدا كثير شعراً ونثراً وظل الكتاب خير جليس يمكن ان يأتمنه جليسه (القارئ) ليودعه أسراره وأحلامه وإرهاصاته الحياتية اليومية ورؤاه المستقبلية سواء بسواء والامر المميز في تلك العلاقة انها جسدت إبداعات ثلة من البشر كان لها قصب السبق في الإبداع الفكري والأدبي على مر العصور اذ مثلت فنارات هادئة لسفن البشر التائهة في عباب محيطات وبحار الحياة المتلاطمة فكم من شاعر هزنا من الجذور قرأنا له ديواناً ضمته دفتا كتاب وكم من روائي تفاعلت عواطفنا مع احداث قصته وأبطالها حتى حفروا أسماءهم ولحظات أفعالهم في وجداننا بنحو لا يمكن ان يمحى.ربما جاز لنا القول ان أثمن وأعظم وأرقى ما أنتجته أنامل وعقل البشر على مر العصور هو الكتاب ولسنا نعتقد بيوم يأتي على الناس تنقطع فيه تلك الصلة الحميمة بينهم وبين ما تحمله الكتب من دروس وتجارب وعبر.
المعرض: أثمن اللقى
نشر في: 4 إبريل, 2010: 07:38 م