ترجمة / عادل العامليمكن القول إن أسوأ أوجاع أوروبا الاقتصادية و موضوع العناوين الرئيسة مؤخراً هي اليونان، العاجزة اقتصادياً و المتغيرة سريعاً من الناحية الاجتماعية. و يمكن لمشاكلها، غير القابلة للاحتواء، أن تؤثر في بلدان البحر الأبيض المتوسط الأخرى، مثل إسبانيا، و البرتغال و حتى إيطاليا، و قد يتعرض مستقبل اليورو و مصداقية الاتحاد الأوروبي للخطر، و هلمجرا.
و في أواسط آذار الماضي تحدث وزراء مال الاتحاد الأوروبي عن إمكانية قروض ثنائية لإنقاذ اليونان، كمكافأة مقابل الصرامة المالية الجديدة للحكومة ــ و لو أن التفاصيل كانت ناقصة بشكل ملفت للنظر، لكن التاريخ يبيّن مقدار السرعة التي يمكن أن تنحسر بها موجة المخاوف. فقبل اثني عشر شهراً، كان الذي يبدو بأنها المشاكل الكبرى هنا هي البلدان الشيوعية سابقاً ــ هنغاريا، لاتفيا، أوكرانيا و غيرها. و قد لاحت انهيارات العملة و الصيرفة كبيرة في حجمها، و تنذر بمخاطر مفزعة بالنسية للاقليم و ما وراءه. و بعد مرور سنة، تبدو مشاكلها ذات طابع رتيب، و ليست بتلك الحالة الباعثة على الفزع. لقد كانت المخاوف مضخمةً إلى حدٍ ما. ففكرة " إفليم شيوعي سابق " واحد يُدعى أوروبا الشرقية لا تصمد أمام التدقيق. فما الذي يجمع، يا تُرى، سلوفينيا المزدهرة، التي هي أغنى من البرتغال، بمولدوفا، البلد الأفقر في أوروبا؟ لقد كان لدى بلدان مثل هنغاريا أنظمة مالية كبيرة مفعَّلة جداً، و هي مبتلية بمستهلكين مقترضين و مسرفين متهورين،لكن في الجمهورية التشيكية، كانت المصارف متينة و العادات اقتصادية متعافية. و كان اقتصاد بولندا، و هو الأكبر في الاقليم، غير مهدد بخطر من الكارثة إلى حد أن ناتجه المحلي الاجمالي نما في عام 2009، و ساعد شركاءه التجاريين.وكان المثال الجيد على وجهات النظر الخارجية الخاطئة هو السوق في مقايضات التخلف عن سداد ديون أستونيا. و كان هذا فرصةً لمراهنات تجارية على موت الحصان الغائب ، إذ ليس هناك لدى أستونيا دَين حكومي متاجَر به عموماً. و قد عمَّقت الأرقام الخاطئة الجو الكئيب. و يمكن القول بوجهٍ خاص، إن الخطأ في قراءة بعض المعطيات من مصرف التسديدات العالمية بالغ في مستوى عرض المصارف الأجنبية. و هناك عنصر آخر يمكن أن يكون المصلحة الشخصية. فالموظفون الرسميون يتمتمون على نحوٍ غامض بأن بعض المصرفيين أنقصوا العملات و الأسهم المصرفية، و بعدها نشروا ملاحظات بحثية تتنبأ بقصورٍ في تسديد ديون أو تخفيض عملة. و يعتقد آخرون بأن الأوروبيين الغربيين توّاقون إلى تحويل اللوم على الركود، أولاً نحو وول ستريت و من ثم نحو شرقهم المشوَّش. و هناك مقارنة مثيرة للانتباه بين الاضطرابات في اليونان و الصبر المتجهم و الناخبين الشيوعيين السابقين، الذين غاصت مستوياتهم المعيشية وسط بطالة غامرة. و يمكن لـ " الهشاشة المؤسساتية " التي كانت تقلق بعض السياسيين الأوروبيين أن تكون مشكلةً حقيقية ــ لكن في منطقة اليورو، و ليس في أوروبا الشرقية. فعلى مدى السنة الماضية قام السياسيون في الشرق، الذي يواجه أسوأ وجهة نظر، باتخاذ قراراتٍ صلبة على نحوٍ جدير بالثناء (و كانت أوكرانيا، التي يشلها التنازع السياسي الداخلي هي الاستثناء : و قد بقيت طافيةً فقط بفضل سخاء الخارج). و أثبت طيف المبادئ الشعبية أنه مجرد سراب. و لقد كانت الحكومات الائتلافية الضعيفة في ما يبدو جيدة بالأحرى في الدفع بالاصلاحات. و في البلدان الأسوأ تعرضاً للضربة، و هما لاتفيا و هنغاريا، ارتفعت شعبية الحكومات حتى حين اشتد الألم (و لو أن حكومة لاتفيا الائتلافية خسرت يوم 17 آذار أغلبيتها عندما انسحب حزب كبير).و من طرفها، أبدت الدول الخارجية براعةً و طول بال. و كان المسعى الكبير و المعروف قليلاً مع هذا هو " مبادرة فيينا "، بوساطة المصرف الأوروبي لإعادة البناء و التنمية. ففي أواخر عام 2008، قام خبيره الاقتصادي الرئيس، أيريك بيرغلوف، بتحديد خطر السياسة القائمة على نحو انفرادي على المصلحة الوطنية. و كانت الحكومة النمساوية قد قالت للتو إنها ستدعم مصرف إيرست المضطرب الأحوال، لكن فقط إذا ذهبت الأموال إلى قروض داخل النمسا. و قد هددت تلك الطريقة بهياجٍ خارج أوروبا الشرقية عن طريق مصارف أجنبية معرّضة كثيراً للخطر كانت قد أقرضت بشكلٍ غير حكيم (و في الغالب بالعملة الأجنبية) خلال سنوات الفقاعة. لقد كانت تلك مشكلة كلاسيكية جماعية الفعل : كانت المصلحة الفردية لكل مصرف هي التقليل من العرض عن طريق دعوة القروض و بيع الموجودات بأسعار أدنى، لكن لو فعل الجميع بصورة متماثلة، فإن كل واحد سوف يعاني من ذلك. و قد نفعت الاستجابة الدولية. فقيام المصرف المركزي الأوروبي بتدبيرالسيولة للمصارف الأجنبية شجعها على مواصلة تمويل الفروع خارج منطقة اليورو. و ساعد صندوق النقد الدولي و مقرضون آخرون على حشد عدد من البلدان للبقاء طافيةً و توفير سيولة للمصارف، بصرف النظر عن المِلكية، و قد ساعد المنظّمون المصارف عن طريق إرخاء الاحتياجات الرأسمالية. و لم ينسحب أيٌّ من المصارف المملوكة أجنبياً خارج الاقليم. و إجمالاً فإن 17 مصرفاً محلياً مهماً قد أفل
اقتصادات أوروبا الشرقية الناجية من الكارثة
نشر في: 5 إبريل, 2010: 04:29 م