جلال حسن نحو أكثر من ثمانمئة قناة فضائية عربية، تسرح وتمرح على هواها في الفضاء الاثيري، ليس المهم من يشاهدها، وتوجهها العام. ولكن العدد في تزايد وهي عبارة عن رموز وعلامات واسماء متنوعة تبث عبر اقمار صناعية اشهرها: نايلسات وعربسات والهوتبيرد ، وهذا الرقم الكبير كشفته ندوة في دبي قبل ايام.
ربما لا يصدق البعض هذا العدد الهائل، لكنه يبدو حقيقة، بسبب ان فتح فضائية لا يكلف اموالا طائلة ولا يتجاوز اكثر من 350 الف دولار وتأمينات القمر الصناعي، واستوديو صغير، وخدمة هاتفية، وهذا المبلغ لا يساوي شيئا امام رؤوس الاموال والسياسات العربية.اكثر هذه الفضائيات تتوزع بين الدينية والتبشيرية والطائفية والعنصرية، وبث الفرقة بين المسلمين، ونشر الافكار الارهابية، وسب الفرق الاسلامية والدعاء على الاديان الاخرى، بحرق الحرث والنسل، والاغاني الهابطة والفيديو كليبات والمسلسلات الهابطة ، وقنوات (المسجات ) للمراهقين والمراهقات من التي تبث السلامات ورسائل الغرام، وعلى طول اليوم ،وتشجيع النوادي الرياضية ، وكشف الطالع وقراءة الكف والفنجان وهي عبارة عن تفاهات للعاطلين عن العمل ، ولا تمثل اية رسالة اعلامية غير مضيعة الوقت في كلمات فارغة المحتوى ،وازياء غريبة وعجيبة ، وهناك عدد من القنوات الاخبارية من التي تبث السموم بأفكار شوفينية عنصرية . وافلام تبث العنف والقتل والتوغل في عالم الجريمة، واطلاق الرصاص من اسلحة فتاكة، وصور من خيال لا علمي بأشكال مقززة، وجينات مرعبة ودماء لزجة، ووحوش كاسرة وانماط بشرية بلا انسانية. اما الدعايات التجارية والاعلانات التسويقية، ودنيا المطابخ وادوات عالم الرشاقة والادوية الضارة والترويج عن البضائع الكاسدة، فحدّث ولا حرج،ولكي يقلب المشاهد هذه القنوات الثمانمائة، فانه يحتاج الى وقت ليس بالقليل، فعلى سبيل المثال: لو ان مشاهدا يتصفح كل القنوات بزمن قدره عشرين ثانية فقط لكل قناة فانه يحتاج الى اكثر من اربع ساعات واربعين دقيقة, ربما يختلف المشاهد العراقي، ومن هو من الباحثين عن المسرح الجاد والمواضيع الهادفة والمحلية، ومعرفة اخر الاخبار والتطورات العلمية والافلام الوثائقية والثقافية والادبية، رافضا التهريج والتفاهة المجانية، لكنه بلا شك مجبر بالمرور على هذه القنوات التي تزدحم بها الصحون المقعرة. حتى وان كان في جهاز السيطرة من تنظيم للقنوات المفضلة. ان هذه القنوات الفضائية تندرج ضمن سياسات ملوثة هدفها العام التخريب للبيئة الاجتماعية، وهي تقتحم ساعة راحتنا بمشاهدة ما هو ضار ومفسد وغير نافع، ليس هناك اي اعتراض على حرية المشاهدة والذوق الشخصي، ولكن في المقابل توجد ضرورة إيجاد قانون ينظم فوضى البث الاعلامي، وعدم تجاهل الفضائيات التي تلوث الادمغة وتبث التجهيل المقصود. jalalhasaan@yahoo.com
كلام ابيض :التجهيل المقصود
نشر في: 5 إبريل, 2010: 05:57 م