TOP

جريدة المدى > سياسية > مكتب المرجع حسين الصدر: تصريحات الأعرجي تعبر عن رأيه فقط

مكتب المرجع حسين الصدر: تصريحات الأعرجي تعبر عن رأيه فقط

نشر في: 7 نوفمبر, 2012: 08:00 م

هل أصبح العراق بحاجة  إلى "ربيع" ليس على شاكلة ما شهدته البلاد العربية، لأنه طوى مسافة بعيدة وشاقة في الصراع والصدام السياسي طيلة العقود الماضية  ، وها هو يتكئ على شجرة الديمقراطية التي يفترض ان احدى ثمارها الحرية، فهل يتطلع الى "ربيع" جميل وجذاب لكن من نوع آخر؟.   الإسلام كما يتفق الجميع على ذلك إنما جاء بالأساس لخدمة الإنسانية، وتكريس القيم والمبادئ السامية، والقرآن الكريم يصدح بآيات مباركة عديدة تؤكد ذلك وتضمن حقوق الناس وشعاره الأزلي "لا إكراه في الدين"، فضلا عن كون الدستور الذي وافق عليه جميع العراقيين بمن فيهم إمام جمعة الكاظمية، ضمن حقوق الاقليات والاديان الاخرى بصورة واضحة وجلية، وكفل الحريات ولم يشر الى اننا دولة دينية وانما اكد على مدنيتها وفق النظام الديمقراطي الجديد.
تكرار حملات "الممنوع"
وبسبب تسابق وتزايد حملات "الممنوع" التي بدأت تطلق من عدة جهات تارة دينية و اخرى سياسية، فما ان مرت فترة قصيرة على منع دخول السافرات الى منطقة الكاظمية، وقد سبقتها حملة حكومية بقيادة القوات الامنية لغلق المنتديات والنوادي العائلية بأعذار واهية وحجج غير مقنعة، جاءت فتاوى جديدة أطلقها امام جمعة الروضة الكاظمية السيد حازم الاعرجي لأجل النهي عن المنكر " حسب تعبيره "، والأمر بالمعروف،  فقد نهى (الأعرجي) أصحاب محال بيع الأقراص في مدينة الكاظمية في ساحة الصدرين و شارع هرج من بيع أقراص الغناء والأفلام والمسلسلات و كل شيء يخالف الشرعية الإسلامية للحفاظ على قدسية المدينة.
"المدى" حاولت ان تعرف هل ان القرار جاء بموجب فتوى شرعية من قبل المرجعية الدينية ام انه تصرف فردي من قبل السيد الاعرجي.
اكد مكتب المرجع الديني آية الله العظمى حسين الصدر أحد أهم الرموز الدينية في الكاظمية في تصريح خص به (المدى):  ان تصريحات إمام جمعة الكاظمية القيادي في التيار الصدري حازم الاعرجي تعبر عن رأيه الشخصي ، وليس رأي المرجعية او الرموز الدينية ولا دخل للمرجعية بتلك الفتاوى التي أطلقها.
 الحزن يخيم على المدينة
 تجولنا في مدينة الكاظمية لفترة قصيرة من الوقت وما دفعنا الى ذلك هو نفي مكتب المرجع الديني حسين الصدر، الذي جعلنا نستطيع التكلم مع الناس وأصحاب المحال والبسطيات بصراحة لمعرفة الحقيقة من خلالهم، وعلى الرغم من تخوفهم بالحديث عن الموضوع في وسائل الإعلام خشية من التهديدات لكن قطع مصادر رزقهم دفعهم للبوح بمعاناتهم وحقيقة ما حدث.
أبو كرار وهو صاحب محل النور في سوق الكاظمية قال: فوجئنا بوجود قوات عسكرية تنتشر في أرجاء السوق وتقوم بحملة تفتيش أصحاب البسطيات الخاصة ببيع الأقراص المدمجة والموبايلات، ولم نكن نعلم السبب وقام البعض منهم بأخذ أقراص عديدة وبدأ بسحقها بقدمه وأمام أنظار الناس، ابو كرار اكد ان السوق كان يعج بالمتبضعين نساء ورجالا وأطفالا وماشاهدوه أرعبهم وجعل البعض منهم يغادر السوق.
وسمعنا بعد دقائق ان السيد حازم الاعرجي يقوم بنفسه بتفتيش بعض البسطيات والمحال في سوق هرج ويقدم الموعظة والنصيحة الدينية !.
جاره قاسم صاحب بسطة لبيع العصائر قال: هل سوف يأتي يوم ونمنع من بيع العصير في السوق بحجج لا يعلم سرها الا الله؟!.
الغناء حرام
احد الباعة وهو صاحب بسطية كان يجلس أمام بسطيته ويقلب الأقراص الخاصة به وحسب تعبيره يفحصها خوفا من ان يكون بينها "قرص غناء او مسلسل مدبلج" لان بمجرد اكتشافه سوف لن يرحمه احد.
هذا الشاب الذي يبلغ العقد الثاني من العمر كان متوترا واشار الى توقف العمل وكساد بضاعته، فقد  كان يبيع في بسطيته الأفلام الأجنبية المرغوبة من الشباب، وأغاني تعرض على الفضائيات وحفلات مطربين، لكنه فوجئ برجال يطلبون منه التوقف عن بيع جميع هذه الأقراص لأنها حرام ويجب ان يحطمها ويبيع فقط الأقراص الدينية.
ممنوع دخول الإعلام
كنا نحاول دخول سوق هرج الخاص ببيع الاقراص وملابس البالة ومختلف الملابس الرجالية ، لكننا فوجئنا بانتشار عدد من الرجال يرتدون الملابس السوداء وينتشرون بين المحال والبسطيات ويحملون عصيا بايديهم كانها نذير بالعذاب المبكر لكل من يحاول كسر قرار "حملة اللاءات الأربعة في الكاظمية" وينظرون الينا باستهجان واستنكار وكأننا نتدخل فيما لا يعنينا.
عضو ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي قال في تصريح لـ(للمدى):هل نحن نعيش في دولة طاليبان وماذا يحدث في العراق؟ كل يوم هناك من يطلق فتاوى جديدة،واشار المطلبي في حديثه قائلاً:الدين الاسلامي دين سمح ودين مشاورة في الرأي وليس دينا تعسفيا ودين منع واجبار فلا اكراه في الدين ، ومع الاسف هناك من يحاول تشويه صورة الاسلام بإطلاق ادعاءات تلهي الناس عما يحدث في الساحة السياسية، العراق الان بحاجة الى بناء وتطوير لا ان نطلق شعرات وفتاوى تضر بالناس ولاتفيدهم بشي، انما المستفيد منها هو من يطلقها.
اما الدكتورة بشرى العبيدي الاستاذة في كلية القانون فقد قالت في تصريح لـ(المدى) :اذا كان للمرجعية الدينية في العراق رأي مخالف لكل ما يطلق من فتاوى واجتهادات شخصية لبعض رجال الدين، لماذا لايعمم رفضها بالاعلان الرسمي ببيانات تبث على الملأ، وأوضحت العبيدي في حديثها قائلة: إن كل ما يحدث الان في هو مصادرة للحريات وانتهاك ومصادرة لحقوق الموطن وطعن بالمواطنة فكل يوم نسمع قرار منع وفرض امور لايمكن ان يكون الاسلام راضيا عنها ....  ديننا  الاسلامي دين سمح  ودين ترغيب لا ترهيب وما يحدث الان هو ترهيب الناس وفرض امور لايمكن تطبيقها على الجميع ، واستدركت العبيدي في حديثها قائلة :في حالة تعميم المرجعية بياناتها فانها بذلك سوف تكسب الرأي العام بشكل كامل.
الخوف من التصريح
حقيقة استغربنا من موقف عدد كبير من شخصيات اكاديمية واعضاء منظمات مجتمع مدني من اعطاء آراءهم بهذا الموضوع حسب تعبيرهم، الموقف الان في الساحة العراقية لايطمئن وقد يعرضهم الى الانتقاد او القتل .
عضو الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان محمد السلامي قال في تصريح لـ(للمدى ): ان ما يصدر الان من فتاوى من بعض رجال الدين وتصريحات من شخصيات سياسية هو انعكاس للازمة السياسية في العراق، والتي بدأت تلوح إخفاقاتها في المشهد العراقي، لهذا يريدون ابعاد الناس عن هموهم الحقيقية واشغالهم كل يوم بامر جديد، فقبل عدة اسابيع كانت قضية فرض الحجاب وتلتها  حملة غلق النوادي والمنتديات والآن يمنع بيع الأقراص ان كانت تحوي مسلسلات او أغاني، وبين السلامي في حديثه قائلاً: الموسيقى شفاء الروح من الحزن والهموم، والفنون لها جانب روحي في تجاوز المحن التي يمر بها الانسان والعراقي ممتلئ بالبلاء ، فسؤالنا الذي نطرحه للجميع؟ اردنا الديمقراطية وكتبنا الدستور وطالبنا بالحرية ، فلماذا يأتي أشخاص يسلبونا منا حقوقنا، اليس الاسلام يحث على احترام حقوق الناس وعدم السماح التجاوز على حريات الاخرين بحرية التعبير والعيش بكرامة، ومن يحاول تطبيق فتاواه  كيفما يحلو له اذن هو إنسان لا يتمتع بمعرفة كافية بقيم الاسلام وحقوق الناس وماله وما عليه.
الموسيقى رقي حضاري
 فيما اكد اسامة عبد الكريم من منظمة اريج في تصريح لـ(المدى): لايمكن ان يكون العراقي دائما مكتوما ويحرم من ابسط حقوقه فالموسيقى والغناء هو ابداع انساني وفني ورقي حضاري.
واذا منع سماع الأغاني ومشاهدة المسلسلات والافلام بذريعة ان الاسلام يمنع ذلك الامر سوف تصبح كارثة، ويحتاج الى تكاتف منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام السمعية والمرئية لاقامة مهرجانات  وتنظيم تظاهرات لتعزيز دور الفنون لان الفن ليس عيبا انما العيب هو بمصادرة حريات الناس التي كفلها الدستور، الذي ضحى العراقيون من اجله بالغالي والنفيس،واضاف عبد الكريم في حديثه قائلاً: كلنا نعرف ايضاً سرّ الانجازات الباهرة لعلماء دين مجاهدين تمكنوا من صنع الاحداث العظيمة والتأثير على القرارات السياسية، من خلال كلمة "طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء"، لا بالشعارات والإثارات.
وكان السيد الأعرجي جدد في (2 تشرين الثاني 2012)، تهديده للحكومة العراقية بالدعاء عليها إذا لم تصدر قرارا يقر اللاءات الأربعة في الكاظمية ( لا للتبرج ،لا للغناء ،لا للخمر، لا للقمار)، حيث سبق ان طالب في (20 تشرين الأول 2012) الحكومة العراقية بمنع دخول السافرات والمتبرجات للمدينة للحفاظ على قدسيتها، وهدد بإقامة مجالس للدعاء على المسؤولين المقصرين عند عدم منع هذه الحالات.
الحياة بلا فن لا قيمة لها
اما الدكتورعبد النبي خزعل اكاديمي واعلامي اوضح في تصريح لـ(للمدى): ان المطالبة بالحياة بلا فن لا قيمة لها، الجوانب والفنية تعطي للإنسان نوعا من الحيوية ولكل شعب فلكلور يحمل تراثا وحضارة الشعب فكيف يريد البعض منع ذلك، نحن شعب حضارة وفن وهناك  مثلاً، المربعات البغدادية فهي فن شعبي صاحب  الانسان العراقي  لسنوات طويلة عاشها بترانيم غنتها له والدته ويتذكرها دائما ،فكيف يمكن محو او الغاء تلك الاشياء الجميلة من ارشيف الذاكرة ، اذن الانسان من حقه سماع ومشاهدة ما يحلو له، لا أن نفرض الحجاب على المرأة ونمنع سماع الأغاني والموسيقى والرقص.
ان العراقي له رؤية وعقل وإحساس يستطيع التمتع بالحياة والتعبير بإحساسه بحرية لا إعطاء تعليمات وفتاوى تحد من حريته التي كفلها الدستور له ،واستدرك خزعل في حديثه قائلاً: العراقي يريد ان يعبر عن حالة الانبهار لملأ فراغ يعيشه وترديد اغاني وسماع موسيقى لانه يريد ان يشعر بالامان، ومحاولة تجاوز المصاعب التي يعيشها كل يوما بداء من كثرة السيطرات والانفجارات والقتل العشوائي ، ليتركوا رجال الدين العراقي يعيش لاان يدفن بالحياة بحرمانه من حق العيش بحرية.
ضد مبادئ حقوق الانسان
يقول الدكتور خليل ابراهيم من وزارة حقوق الانسان في تصريح لـ(للمدى): ان ما يحدث الان في العراق هو ضد مبادئ حقوق الانسان وضد الحرية والتعبير وضد كل القيم،  العراقي الذي  كان يطمح بان تحفظ حريته وتصون كرامته يجد الآن كل ذلك اصبح حلما فقط دون تحقيق، وكل ما يجنيه هو تصريحات مسؤولين بعيدة عن الحقيقة، وفتاوى تقيده يراد منها ان يعود الى العصور المظلمة و الجاهلية وفرض قيود التقاليد البالية على مواطنين يعيشون في القرن الواحد والعشرين.
قطع الأرزاق
اما الدكتور جبار الساعدي من المنظمة العراقية لتنسيق حقوق الإنسان قال في تصريح لـ(للمدى): هل يريدون العودة بالعراق إلى التخلف ومن يريد ذلك لا يملك اي وعي، انما متخلف ولا يستطيع ان يستوعب ان الوقت تغير وليس من حقه أن يكون دكتاتورا باسم الدين. الإسلام دين سمح وحب وتسامح لا قتل وعنف ومنع، واشار الساعدي في حديثه قائلا: يمنعون الخمور لأنها حرام، ويفرضون الحجاب على النساء ويقطعون ارازق الناس لانهم يبيعون  الاقراص، ولا يسمحون بسماع الاغاني لانهم يكرهون سماعها، الناس تريد العيش براحة وسلام، وليس في كل يوم يصحو المواطن العراقي على سماع أوامر جديدة واراء هي كالسيف الذي يقطع رقبة حرية وكرامة الإنسان.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ملامح لتحالفات 2025.. الحلبوسي
سياسية

ملامح لتحالفات 2025.. الحلبوسي "إطاري" وتصالح مع السوداني

بغداد/ تميم الحسن في موجة جديدة هي الأعنف ربما، دخل محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، في صراع مع خصومه السُنّة وجزء من الكُرد.تصاعدت الخلافات بشكل متزامن بعد عودة الحلبوسي من زيارة مثيرة أجراها زعيم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram