برغم تمكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من هزيمة منافسه الجمهوري ميت رومني فهذا لا يعني اختفاء خصومه في الخارج بما في ذلك حكومتا إيران وسوريا وربما الصين.
وتضمن إعادة انتخاب الرئيس الديمقراطي استمرار السياسة الخارجية الأمريكية لكنها تترك تساؤلات مفتوحة مثل ما إذا كان يمكن للدبلوماسية احتواء البرنامج النووي الإيراني وما إذا كانت اسرائيل أو الولايات المتحدة قد تلجأ إلى الضربات الجوية، كما لم يتضح بعد ما إذا كان أوباما سيتمكن من الاستمرار في امتناعه حتى الآن عن محاولة ترجيح كفة معينة في الصراع الدائر بسوريا من خلال السماح بتدفق السلاح الأمريكي إلى مقاتلي المعارضة الذين يسعون إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأســــد.
ويقول محللون في مجال السياسة الخارجية الأمريكية إنه إذا كانت الظروف سانحة فإن أوباما سيواصل علاقته "المحورية" بآسيا سعيا منه لإعادة توجيه السياسة الأمريكية لاستغلال ميزة النمو المتوقع في دول مثل الصين والهنـــد والانسحاب تدريجيا من الشرق الأوسط، لكن كلا من إيران التي تعتقد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنها تسعى لصنع أسلحة نووية وسوريا تتطلبان اهتماماً.
وقال مارتن أنديك نائب رئيس دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكينجز للأبحاث: إن عام 2013 يمكن أن يكون عاما حاسما في الشأن الإيراني ولمح إلى أن التزام أوباما الأوسع نطاقاً بحظر الانتشار النووي يمكن أن يسفر عن سياسة "مركزة وقوية."
وأضاف انديك أن القضية الإيرانية "سوف تشغل مكانا متقدما في جدول الأعمال... منع إيران من الحصول على أسلحة نووية مطلب حيوي لتعزيز نظام حظر الانتشار النووي."
وتنفي إيران اتهامات أمريكية بأنها تسعى لصنع أسلحة نووية تحت ستار برنامج نووي مدني قائلة إن برنامجها للأغراض السلمية مثل توليد الكهرباء وإنتاج النظائر المشعة،ومن المتوقع استئناف محادثات بين القوى الكبرى وإيران للتوصل إلى حل دبلوماسي وربما يحدث هذا في الشهر الحالي.
وفي محاولة لدفع إيران نحو تقديم تنازلات عملت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي العام الماضي على استهداف طهران بعقوبات في المجال الذي يمثل نقطة ضعف بالنسبة لها وهو صادرات النفط.
واستهدفت الولايات المتحدة البنوك الاجنبية التي تتعامل مع البنك المركزي الايراني ودار المقاصة في إيران في مجال المبيعات النفطية الايرانية وتوقف الاتحاد الاوروبي تماماً عن استيراد الخام الإيراني، كما لمحت الولايات المتحدة واسرائيل التي تعد إيران في حالة تسلحها نوويا خطرا على وجودها إلى احتمال شــن ضربات عسكرية على الجمهورية الاسلامية.
وفي كلمة ألقاها امام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول لمح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى امكانية اتخاذ قرار حول استخدام القوة بحلول الربيع القادم، وردَّت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة بقولها إن إيران لديها السبل اللازمة والحق في الرد بكامل قوتها على أي هجوم، ودمرت اسرائيل التي يعتقد أنها القوة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط مرتين مواقع كانت تخشى احتمال استخدامها في صنع أسلحة نووية وهما في العراق عام 1981 وفي سوريا عام 2007 .
ويقول اوباما إن الولايات المتحدة سوف "تتخذ ما يتعين عليها من إجراءات" لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية وقال مرارا إن كل الخيارات مطروحة وهو تعبير يعني احتمال استخدام القوة.
وقال جيمس دوبينز مدير مركز راند للأمن الدولي والسياسة الدفاعية إنه يعتقد أن الاحداث قد تجبر أوباما على التدخل بدرجة ما في سوريا وربما يقدم السلاح لكن من غير المرجح أن يوجه ضربة لإيران.
وأضاف دوبينز "لا أعتقد أن من السليم ان يقف المرء ساكنا إذا تدهور الوضع في سوريا وإذا لم يكن الإيرانيون لديهم قدر كبير من الحماقة لإعطائنا مبرراً أفضل لشن هجوم .. لا أعتقد أن الإدارة ستقبل على ذلك."
وقال محللون إن التحدي الرئيسي بالنسبة لأوباما سيكون محاولة تهيئة البيئة الدولية في صالح الولايات المتحدة في وقت تعاني فيه البلاد من ديون كبيرة وصعود قوى أخرى ومواجهة أخطار خارجية مثل الإرهاب والهجمات الالكترونية وارتفاع حرارة الأرض.
وقال انديك "قراءتي لأوباما هي أنه يريد بشكل أساسي الابتعاد عن الشرق الأوسط والتركيز على آسيا" مضيفا أن من غير المرجح أن يقوم أوباما بمحاولة جديدة في عملية السلام الاسرائيلية - الفلطسينية كما يستبعد أن يبذل جهدا كبيرا للتأثير على نتيجة الصراع في سوريا أو الانخراط بشكل كبير في التعامل مع حكومة إسلامية في كل من مصر وتونس.
وتابع قوله "لا أرى أن مثل هذه الأمور تتصدر جدول أعماله مقابل بناء علاقة مع الصين وتشجيع صعود الهنــد في آسيا والسعي إلى فرص كامنة في تلك المنطقة من العالم."
وعلى الرغم من الإشارة إلى الصين باعتبارها "خصماً لكن في الوقت ذاته شريكا محتملا" في مناظرته الأخيرة مع رومني فإن تركيز أوباما الرئيسي سيكون على الارجح محاولة التوصل إلى سُبل للتعاون مع بكين بدلا من مواجهتها.
وقال جون الترمان وهو باحث كبير في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية "سنفكر في أنفسنا بشكل متزايد باعتبارنا بلداً ينتمي إلى المحيط الهادي أكثر منه بلداً ينتمي الى المحيط الأطلسي.