بقلم / مؤيد البدري بالأمس فقدنا رائداً رياضياً آخر كرّس معظم حياته لخدمة مسلكه العسكري والرياضي وقًًدم للشرطة وفريق آليات الشرطة خدمات عدة لا يمكن لهذه السطور القليلة أن تفي حقه. هذا الشخص هو المرحوم اللواء محمد نجيب كابان الذي غادرنا الى الدار الآخرة قبل فترة وسط صمت إعلامي غريب لرجل قضى أكثـر من خمسين سنة فى خدمة الرياضة التي أحبها وأحبته بعيداً عن كل الصخب الإعلامي الذي تمتاز به.
ولم أعلم بوفاته الى ان نشر الأخ حيدر النعيمي فى موقع كرة عراقية كلمة عنه وهي مبادرة مشكورة تُحسب للموقع وله ولا أدري إذا كانت وسائل الإعلام الأخرى قد نشرت عن الراحل شيئاً.تعود علاقتي بالراحل كابان الى فترة الستينيات من القرن الماضي حيث تعرفت عليه عن طريق المرحوم فهمي القيماقجي حيث وجدته هادئاً يتكلم بروية وينشد الخير دائماً ولا يتدخل في شيء إلا بعد ان يطلب منه ذلك.أشرف على فريق آليات الشرطة خلال فترة السبعينيات الذي ضمّ خيرة لاعبي العراق أمثال الراحلين عبد كاظم وستار خلف وكذلك دوكلص عزيز ومظفر نوري ورعد حمودي وطارق عزيز وصباح حاتم وعشرات غيرهم.وحقق الفريق فى أيامه أرقى النتائج وأحسنها ولعل موقفه في بطولة أندية آسيا في بانكوك عام 1972 ورفضه اللعب أمام فريق (مكابي الإسرائيلي) يُسجل له بفخر واعتزاز.ذكر لي الراحل (كابان) عند عودته والفريق من بانكوك عن هذه الحادثة ان المسؤولين التايلنديين فى الاتحاد قالوا له: العبوا معهم لأنكم الفريق الأفضل وستفوزون عليهم حتماً..فأجابهم إنّ المسألة ليست مسألة فوز وخسارة .. إنها أكبر من ذلك بكثير إنها سرقة وطن ولا يمكن ان نلتقي معهم مطلقاً.وشكل انسحاب فريق آليات الشرطة من نهائي بطولة أندية آسيا نقطة البداية لنا للتخلص من ( إسرائيل ) فى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.وسنحت هذه الفرصة في اجتماع هونغ كونغ للإتحاد الآسيوي حيث كان احمد عبد العزيز السعدون – رئيس الاتحاد الكويتي ونائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم - وكاتب هذه السطور الذي كان عضواً في الاتحاد الآسيوي أن يقدما شرحاً وافياً للاتحاد ولرئيسه آنذاك الراحل تانكو عبد الرحمن عن مضار وجود ( إسرائيل ) في الاتحاد ووجوب إقصائها ، وأتذكر أنني قلت له : " إنك اعطيت ( سنغافورة) الاستقلال عندما كنت رئيس وزراء ماليزيا لأن غالبية السكان فيها من الصينيين فكيف تريد منا أن ننسى أنهم اغتصبوا وطناً جميع سكانه من العرب تقريبا وقتلوا وشردوا الآلاف من سكانه وتطلب منا مصافحتهم واللعب معهم ؟"وكان لموقف الأخ احمد السعدون ودفاعه المستميت عن القضية الفلسطينية السبب الأساس باتخاذ قرار بطرد (إسرائيل) من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ولكن يعود للمرحوم (كابان) الفضل الأكبر لأنه حرّك الماء الراكد ونبّه العرب إلى خطورة وجود (إسرائيل) في الإتحاد الآسيوي.عمل المرحوم (كابان) معي فى الاتحاد الذي رأسته عام 1977 وكنت أتعمد ان يكون آخر شخص أستشيره في الاجتماعات لأن رأيه السديد دائماً هو الذي يأخذ به الاتحاد ويوصلنا إلى جادة الصواب .تغمد الله الفقيد (كابان) برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
من الدوحة:الراحل محمد نجيب كابان.. وسرقة وطن!
نشر في: 6 إبريل, 2010: 04:55 م