إياد الصالحي لم يجد الجمهور الرياضي العراقي أنيساً له في وحشة الواقع الكروي المتداعي بين هدنة الاولمبية الوطنية وشروط فيفا الانتخابية سوى مواكبة التنافس المحموم بين فارسي الكرة الاسبانية ريال مدريد وبرشلونة منذ انطلاقة مسابقة الليغا حتى الآن ، إذ من النادر ألاّ تجد متابعين اثنين يغوصان في شجون فارق النقطة والهدف بين هذين النادين العملاقين حتى انهما تسببا بخلافات جمة داخل العائلة الواحدة بسبب تعصب احد الأبناء بصورة تكاد تفلت عقال الضبط التربوي بين اخوته !
وما هي إلا ثلاثة ايام ويشهد ملعب (بيرنابيو) الكلاسيكو المثير بين الفريقين ، فقد بدأ منذ الآن التسابق في التوقعات بشأن مَن يغلب مَن في ظل الفارق الضئيل بينهما ، حيث هما متعادلان بالنقاط ( 7) لكل منهما إلا أن الريال يتقدم بفارق هدف واحد ( 57 مقابل 56) ، ولكم ان تتصوروا كيف سيكون وقع النتيجة القادمة في حال سجل احدهما النقطة الـ 80 وترك خصمه ينوح بخيبته بالرغم من التصريحات المتبادلة بان المباراة لا تشكل منعطف حسم نهائي لتحديد هوية البطل .ليس غريبا ان العراق يمثل قاعدة انصار عريضة لريال مدريد وبرشلونة بين الدول العربية بعد ان وجد المشجع العراقي في متابعة اخبارهما ومبارياتهما وصفقات النجوم من العيار الثقيل ترجمة لأحلامه واحساسه وما يناجي قلبه من دغدغات امانٍ كثيرة لرؤية بعض ما تحقق للدوري الاسباني من إشهار وثراء في المال والبنى التحتية على ارض واقع الدوري العراقي الفقير بكل شيء ولم يجد منفذاً للهروب من بؤسه ، ولهذا يبقى المشجع العراقي مبهراً ومتحسراً في آن واحد لما بلغه الدوري الاسباني من مراتب عليا لن يطوله في الإمكانات والإنفاق المادي أي دوريّ آخر ، بينما يجد نفسه حائرا أزاء امتلاك العراق ثروات كبيرة تحسدنا عليها اسبانيا نفسها ، ولم يتطور دوريه المتخلف وبقي متقوقعا في قاع التخبط الإداري والفني زمناً طويلا حتى ان انطلاقة عجلة منافساته هذا الموسم جاءت إسقاط فرض ليس إلا بعد تصاعد الجدل عن كيفية تنظيمه ، مَن يبقى ومَن يغادر أضواءه ، ولعبت المجاملات والمصالح دورا سلبيا في تضييف فرق من الدرجة الأولى ثبت انها لم ترق لمستوى فرق الأزقة !ترى هل فكّر رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريس وزميله رئيس نادي برشلونة خوان لابورتا في مشروع استثماري داخل العراق؟ يبدو ان السؤال منذ الوهلة الأولى لا يعدو عن كونه أضغاث أحلام ناجمة عن صعوبة إيجاد موطىء قدم استثمار لأي عربي ، فما بالنا بالأجنبي تأسيسا على ضبابية قانون الاستثمار والتدرج البطىء في مراحل تعافي البلد من ازمات سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة ؟ لكن المفيد في التساؤل اننا يجب ان نتلاقح في الافكار مع الآخرين وربما في المستقبل القريب نشهد تعاونا ثنائيا بين العراق واسبانيا على صعيد بناء المنشآت والادارة والتدريب واقامة المعسكرات لمختلف منتخبات الفئات العمرية وبقية مفاصل اللعبة.يبقى الحديث ممتعا وطرياً في الذاكرة عن سيرة ريال مدريد وبرشلونة سواء في وسائل الإعلام المختلفة ام منتديات ( كووورة) أم في مجالس المقاهي وأروقة الجامعات والأماكن العامة وذلك لما له من تأثيرفي نفوس الناس حيث يرى غالبية المراقبين للمطاردة الأشهر بين اللدودين انها نموذج فرض منطق التحدي بين طرفين يبذخان أموال الدنيا من اجل كأس صغيرة ربما لا تساوي قيمتها عُشر ما ينفق من اجل بصمة إبهام ميسي ورونالدو على ورقة العقد ، بينما هناك دول تحت خط الفقر بالكاد تحلم ان يخصص احد نجوم هذين الفريقين نسبة من ريعه الخيري لتمويل مشاريعها في مكافحة آفة جوع شعوبها !ان كلاسيكو السبت سيكون حلقة جديدة ضمن مسلسل اللقاءات الثنائية بين قطبي الكرة الاسبانية منذ عام 1922 ومهما كانت نهايته إن أسعدت النادي الملكي او غريمه الذي سيفتقد جمهور الكاتالونيين ، تبقى عيون الكرة الارضية تراقب مثل (رقاص الساعة) الكرة الشيطانية بين الاقدام الذهبية وسط ثورة الحشود في ملاعب ( بيرنابيو) التي لن تقبل بغير رد الاعتبار والثأر لدموع الرياليين التي أسالها ( إبرا) في موقعة ( نو كامب) .. بلا رحمة !ومضة: ليس مهماَ لماذا انهزمت ، بل العبرة كيف تستعيد هيبتك؟Ey_salhi@yahoo.com
مصارحة حرة: العراقيون.. وثورة (بيرنابيو)!
نشر في: 6 إبريل, 2010: 04:56 م