TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > اوراق: في الدليل الثقافي

اوراق: في الدليل الثقافي

نشر في: 6 إبريل, 2010: 05:17 م

محمود عبد الوهاب كثيراً ما يحار القارئ ، حينما يعترضه في أثناء قراءته ، اسم لكاتب يجهله أو شاعر أو علم من أعلام الثقافة والفنون ، وهو في حاجة ظرفية إلى معلومة عنه ، استتماماً لمعرفة أو تطلعاً أو استبصاراَ . ما يفتقر  إليه  ذلك القارئ ، هو الدليل أو المرشد أو القاموس أو المعجم الذي يضمّ ، بإيجاز سيرة الأدباء والمبدعين  في مجالات الثقافة والأنشطة الاجتماعية .
الدليل الثقافي ، هو نوع من التأليف يندر في مؤلفاتنا العربية المعاصرة – على مقدار علمي -  ويُعنى الدليل ، في حقل الإبداع مثلاً ، بتراجم الأدباء وسيرهم، وبشيء من الإيجاز والاقتضاب حسب حروفهم الهجائية . وقد كان لهذا اللون من التأليف اهتمام خاص في كـــتب التراث العربي مثل كتاب " الأغاني " لأبي الفرج الأصفهاني ، وكتاب " الشعر والشعراء"  لإبن قتيبة و"يتيمة الدهر" للثعالبي ، و قد اتخذت هذه الكتب  ، في القرن السابع الهجري ، مساراً تخصصياً في كتابة السيَر والتراجم ، مثل كتاب " إرشاد الأريب " لياقوت الحموي الذي ألمّ بالأدب العـربي ورجاله،  وكتاب " وفيات الأعيان " لإبن خلكان ، وكان معجم خليل الصفدي في التراجم " الوافي بالوفيات " مثالاً لما يتّسم به من الإحاطة والشمول في هذا الباب ، وقد بلغ هذا اللون من التأليف تحوّلاً قسّم فيه الرواة كلّ فن إلى طبقات ، من ذلك : طبقات العلماء والأدباء والفقهاء والمفسرين والنحاة والشعراء واللغويين والأطباء والظرفاء ، ما يدلّ على حرص أولئك المؤلفين على شمول حقول المعرفة في تعددها وتنوعها  ، بسيَر أعلامها.ويعدّ الدليل بمنزلة موسوعة للمعلومات ترشد القرّاء إلى سيَر المؤلفين وعصورهم وإصداراتهم ، وتمنحهم فرصة التعرف إلى المؤلِف ومكانته بين أقرانه ،  والإشارة إلى بعض خصائص أسلوبه ، وموقفه من الحركات الثقافية والإبداعية والمدارس الفنية والأدبية في عصره ،  فالدليل بهذا يكون مرجعاً مهماً إلى الحقائق الأساسية والضرورية التي ينبغي للقارىء الاطلاع عليها والإحاطة بها تأريخاً وثقافة .وعلى ما أتذكر ، فقد كان اهتمام الدارسين وأصحاب دور النشر والمكتبات الكبيرة والغرف التجارية في بلدنا ، منتصف الثلاثينيات ، واضحاً في الإصدارات الشهرية والدورية التي تعدّ بمنزلة الدليل إلى الحياة الاقتصادية والتجارية والعمرانية والثقافية في ذلك الوقت ، وكان كتاب "المملكة العراقية" في تلك الحقبة ، دليلاً عاماً لما كان يتضمنه من معلومات عن كلّ مدينة ، والإشارة إلى منتجاتها وصناعاتها وأعلامها من المثقفين والأطباء والمحامين والتجار وأصحاب المهن ، وكذلك ما كانت تصدره مديرية البريد والبرق والهاتف ، في ذلك الوقت ، من دليل لهواتف كلّ مدينة ، وفي هذا السياق ، كان الكاتب محمود العبطة قد أصدر كرّاساً ، على محدوديته في المعلومات ،  تناول فيه بعضاً من سيرة عدد من الأدباء العراقيين . لقد اهتمت الثقافات الأجنبية، لوعي كتّابها،  بأهمية الدليل فأخذت بالتأليف المتواصل والمتجدد للأدلة، بحسب الحقبات الزمنية ، ما جعلها مرجعاً ثبتاً في الأدب العالمي ، ومدخلاً إلى الفن والفنانين ، وإلى السياسة والاجتماع والفلسفة وغيرها .إن السعي إلى تأليف مثل هذه الأدلّة ، والاهتمام بأعلام الثقافة عبر مجالاتها المتعددة ، أصبح ضرورة بعد التحولات الثقافية في هذا العصر ، بل أصبح من الضروري  أن يكون إصدارها باللغات الأجنبية إلى جانب اللغة العربية ، لتعريفٍ أوسع بهؤلاء الأعلام ، وحتى لا تبقى تلك النشاطات وأصحابها في منطقة الجهل بهم .إنه لمن الصعوبة أن يعتمد إعداد مثل هذه الأدلة على جهد فرد وحده ، ما يتطلب جهد فريق متخصص ، وهذا ما يدعو المنظمات والاتحادات و الجامعات والوزارات ومراكز البحوث ، حسب اختصاصاتها ، إلى أن تنهض لدعم هذا المشروع الثقافي الوطني ، وإعداد أدلّة للثقافة العراقية، ونشرها على شبكة الانترنت العالمية ، لسد هذا الفراغ  الحاصل في الجانب المعرفي والإبداعي ، وإضاءة هذه العتمة بالمعلومة في إطار سياقها الزمني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram