عباس الغالبي أعطى قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 صلاحيات واسعة لهيئة الاستثمار فيما يخص منح الاجازات للفرص الاستثمارية التي تحددها الجهات القطاعية المتمثلة بالوزارات والهيئات والمحافظات ، حيث توضع خريطة استثمارية تحدد بموجبها المشاريع التي تحتاجها كل جهة قطاعية باستثناء المشاريع الستراتيجية التي تتولى الهيئة الوطنية للاستثمار تحديدها والاعلان عنها كفرص استثمارية معروضة للشركات الراغبة باستثمارها بضوء حيثيات قانون الاستثمار.
وعلى الرغم من دخول قانون الاستثمار المعدل حيز التنفيذ والعمل الواقعي على الارض الا ان الحساسية والتردد الذي ينتاب الجهات القطاعية مازال موجوداً يأخذ مداه الاوسع في حركية التعامل بين الهيئة المسؤولة عن منح الاجازات الاستثمارية وبين تلك الجهات التي تعتبر نفسها صاحبة اليد الطولى في الاقتراح والتنفيذ للفرص الاستثمارية المتاحة ، وهي جدلية تكاد تلقي بظلالها على المشهد الاستثماري كمعوق أمام مديات التنفيذ ، حيث يبرز هنا الوعي الاستثماري كضرورة قصوى للتعامل مع هذه الجدلية.ومن الاهمية بمكان أن تتجه الرؤى لمعرفة حدود التعامل لكل من الهيئة والجهات القطاعية مع الفرص الاستثمارية لخلق عملية تفاهم مشترك في ظل حاجة الاقتصاد بمختلف قطاعاته الى الاستثمار في هذه المرحلة التي تتطلب تضافر الجهود لانجاح العملية الاستثمارية المتوقع دخولها بقوة الى العراق .ويرتبط الاستثمار بعوامل أخرى تكون مساندة ورديفة له ولعل في مقدمتها البيئة الاستثمارية الامنة والتخصيصات المالية المطلوبة والمنظومة المصرفية القادرة على التساوق مع متطلبات المستثمرين فضلاً عن العمل المؤسساتي في الحلقات الادارية ونظام نقدي متطور، فبوجود هذه العوامل فان الاستثمار لامحالة سيسير الى برالامان وستظهر النتائج في وقت قياسي وستكون المحصلة النهائية اقتصاداً متعدد النوافذ والمصادر بوجود قطاعات انتاجية فاعلة ستجعل الاقتصاد الوطني غير ريعي احادي الجانب بل يتحول الى اقتصاد متعدد الجوانب خال من الاختلالات الهيكلية منفتحاً على اقتصاديات العالم مندمجاً معها يسير على وفق آليات اقتصاد السوق. فالوزارات ومجالس المحافظات قادرة على التعاطي مع متطلبات المشهد الجديد بقوة اذا احكمت خططها الاستثمارية ونفذت مشاريعها على وفق السقف الزمني المحدد من دون تلكؤات وعراقيل.ولم يتوقف الامر عند دور الوزارات بل ان العلاقة بينها وبين الهيئة الوطنية للاستثمار ستكون مثالية وخالية من التعقيدات والتوجسات سعياً للوصول الى نتائج ملموسة على أرض الواقع وهذا الامر يتوقف على الآليات التي من الممكن ان توضع لتنظيم تلك العلاقة التي تتخلص من التقاطعات والحساسية التي قد تحدث بسبب الاحساس بالتهميش والاستئثار بالمهمة الاستثمارية، حيث يتطلب الامر هنا فهما واعياً ودقيقاً للدور الذي يفترض ان تضطلع به كل جهة في عملية الاستثمار التي هي أحوج مانكون اليها الان من أي وقت سابق.
من الواقع الاقتصادي: الاستثمار بين الوزارات والهيئة
نشر في: 7 إبريل, 2010: 05:12 م