TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > منظماتنا الثقافية.. في سبات؟

منظماتنا الثقافية.. في سبات؟

نشر في: 7 نوفمبر, 2012: 08:00 م

ما نفع اتحاد الأدباء والكتاب وما جدوى وجوده، وما نفع نقابة الفنانين وجمعية الموسيقيين واتحاد السينمائيين وجمعية التشكيليين وجمعية دعم الثقافة وجمعية الثقافة للجميع وسائر الجمعيات والاتحادات والمنظمات الثقافية، وما مبرر وجودها اذا لم تهبّ للدفاع عن الثقافة بفروعها المختلفة وعن حق الناس في التمتع بمنجزات الثقافة بما فيها الموسيقى والغناء والرقص والأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية عندما يقع عدوان من فرد أو جماعة أو مؤسسة على هذه المنجزات ومحال انتاجها وتسويقها؟

الثقافة بفنونها المختلفة أصبحت من الحاجات الأساسية للناس في هذا العصر ومن حقوقهم الثابتة التي لا يجب ان تُنتهك لان انتهاكها يُعدّ انتهاكا للحقوق والحريات العامة والخاصة، ودستورنا الدائم كفل التمتع بهذه الحقوق والحريات وألزم الدولة بتشجيعها وتنميتها ورعاية منتجي الثقافة والمؤسسات والنشاطات الثقافية، وهذا بالذات هو مبرر وجود وزارة الثقافة والاتحادات والجمعيات والمنظمات الثقافية. وهذا الدستور نفسه منع "كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع".  كما منع تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات أو تحديدها "الا بقانون أو بناءً عليه"، مع الإلزام بـ" أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية".

مناسبة هذا الكلام والاشارات الى أحكام الدستور والاستشهادات من مواده، الموقف غير المفهوم، بل المريب، للمؤسسات الثقافية غير الحكومية (اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين وجمعية الموسيقيين واتحاد السينمائيين وسواها) حيال ما قام به سياسي يستخدم الدين للأغراض السياسية، هو السيد حازم الاعرجي المسؤول في التيار الصدري في الكاظمية، بترهيب بائعي الأشرطة الفنية ومشتريها علناً منذ أيام.

كنا ننتظر أن تصدر عن هذه المؤسسات بيانات رسمية أو تصريحات لرؤسائها أو الناطقين باسمها تندد بهذا العمل الذي لم يشأ حتى رفاق الأعرجي في التيار الصدري أن يدافعوا عنه فاعتبروه تصرفاً فردياً.

هذا التصرف الفردي يمكن أن يتحول الى حركة ظلامية كاسحة إذا ما التزم اتحاد الأدباء وسائر المؤسسات الثقافية الصمت حياله.

من المؤسف أن نجد هذه المنظمات الثقافية المعول عليها تتحول شيئاً فشيئاً الى نقابة صحفيين أخرى لا همّ لها ولقياداتها غير رضا الحكومة في مقابل ثمن بخس (مليون دينار في السنة!).

هذا الصمت غير المبرر تجاه عدوان الكاظمية وسائر التجاوزات على الثقافة ومؤسساتها ومنجزاتها سيكون ثمنه باهظا للغاية، فالذين ينزلون اليوم الى الشارع ويكسّرون الأشرطة الفنية علناً، وقبلهم الذين منعوا فقرات الموسيقى والغناء والرقص في مهرجانات بابل والبصرة لن يوقفوا زحفهم على الثقافة الوطنية الا بهدم النصب والتماثيل وتحويل المسارح ودور السينما وصالات العروض الفنية والمنتديات الثقافية الى ساحات مفتوحة للضرب بالزنجيل وشج الرؤوس وشق البطون وأكل الزجاج والنواح والبكاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. حسين حسن العبيدي

    عزيزي ابو فرح انا مواطن عراقي معجب في العمود اليومي الذي تكتبه ومذوزمن طويل وانا اقرء لك بشكل يومي لان كتاباتك هي صرخه وتحدي بوجه الضلامين المتخلفين ودعوه لكل الشرفاء الذين يامنون بالديمقراطيه اشد على يدك وعلى قلمك الصامد

  2. عادل الخفاجي

    العزيز الغالي كاتب عمود شناشيل ما اشبه اليوم بالامس كنا في ايام محرم او وفيات الائمه الاطهار توقفنا مفارز المقبور صدام لتفتيش مسجلات سياراتنا فيما لوكنا نستخدم كاسيتات حسينيه او دينيه او اشعار الشاعر مظفر النواب لتصادر وتكسر ومحظوظ من يفلت من قبظتهم دون ت

  3. مع الود

    السيد ابو فرح المحترم يبدو انكم لاتنشرون الا ردودا الوهيه مثل الرد اعلاه لو لاتقبلون الرد واختلاف الموقف احيانا مع كل الود لكم ولصحيفتكم لماذا تضعون للرد مكانا او تعليقا شكرا لكم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

يوميّات سوريةً

العمودالثامن: من الفوضى إلى التهريج

العمودالثامن: بغداد تقرأ

العمودالثامن: 53 عاماً من التفوق

مرجعية النّجف.. "السلاح بيد الدولة"

العمودالثامن: العيش في دولة عادلة

 علي حسين تشغلني موضوعة العدالة وسؤال يطرح دوما : كيف يمكن أن نعيش في ظل دولة عادلة؟، خصص لنا الفيلسوف أرسطو مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي تُرجم للعربية قبل...
علي حسين

قناديل: مع انعقاد معرض العراق الدولي للكتاب المنقذُ من ضوضاء العالم

 لطفية الدليمي نعيشُ في عصرنا الحالي وسط بيئة ضوضائية صار معها الكائن البشري يعاني -رغماُ عنه- شيزوفرينيا ضوضائية. الضوضاء تحيطنا كلّ آن وكلّ مكان. لا مهرب لنا من هذه البيئة الضوضائية حتى ونحنُ...
لطفية الدليمي

قناطر: يحدث في سوريا ما قد يحدث في العراق

طالب عبد العزيز أيئستَ من انتصار أهلك بغزة؟ أما زال قلبك يتفطرُ كلَّ يوم بسماع أخبارهم؟ أحزين على ما حدث بجنوب لبنان؟ أيمكنك أنْ تشيحَ بوجهك عمّا يحدث في سوريا؟ أمرعوبٌ بما قد يحدث...
طالب عبد العزيز

سكونية الثقافة وقلق الشعب والوطن

ياسين طه حافظ لا أُخفيكم اني أفكر بالتوقف عن الكتابة بعد ان ساء بصري حتى لم اعد ارى إلا بعسر. وحتى بتّ انتظر العملية او يوم إنقاذ ما تبقّى منه.. ولكن لسبب ربما هو...
ياسين طه حافظ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram