اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > تشيخوف سحر الكلمة وبساطتها

تشيخوف سحر الكلمة وبساطتها

نشر في: 9 إبريل, 2010: 04:22 م

ولد «أنطون تشيخوف » عام 1860في مدينة تاغا نروغ الروسية الجنوبية حيث أمضى طفولة حزينة كئيبة، درس الطب في مطلع شبابه ،ولكنه اختار مهنة الأدب في النهاية ،واحتل مكانة مرموقة في عالم الفن والأدب ،وأصيب بمرض السل ،
فأقام في المصح فترة من الزمن للاستشفاء ولهذا كانت حياته مقسمة بين العمل وتناول الأدوية ،وكانت نظرته الى الحياة نظرة قاتمة متشائمة .‏ لم يتمتع (تشيخوف) بمرح الطفولة وبهجتها ،فقد كان يحرس البقالة التي يديرها والده ،ويسهر فيها حتى ساعة متأخرة من الليل ولعل هذا ماجعل نظرته الى العالم الذي يحيط به مثل نظرة الكبار كان يلاحظ المارة ،ويصغي الى أحاديثهم ،وكان والده يعامله معاملة قاسية ،ولايتورع عن استعمال السوط في ساعات غضبه ،حتى إذا انتهت فورة غضبه ذهب الى الكنسية والمدرسة ،وترعرع في جو يسوده العنف والتزمت .‏ لم يكن (تشيخوف) يطمح الى إلقاء الدروس في الاخلاق والفلسفة ،شأن غيره من كبار المفكرين والأدباء بل اكتفى بتصوير مشاهد حية كان ينتزعها من جحيم الحياة ،ويرسمها بريشة الفن والابداع ،فجاءت لوحات خالدة تنبض بالحيوية ،وصورة رائعة للواقع الأليم .‏ إن موهبة (تشيخوف) في رؤية العالم تضعه في عداد تلك الفئة الرائعة من الكلاسيكيين في القرن التاسع عشر ،فقد رأى (ليف تولستوي) فيه فنانا ليس له نظير ،وفضله على (تورغينيف) و(دوستوفسكي) وعلى نفسه أيضاً أما (مكسيم غوركي) فقال: تعود قوة ((تشيخوف)الى أنه لم يختلف شيئاً كما لم يصور شيئاً لاوجود له في الحياة ،هذا هو (تشيخوف) الطبيب والأديب والانسان ،وأما (فلاديمير كوولينكو) فقد وصف واقعية (تشيخوف) انها فوق الواقعية ،وقال إن (تشيخوف) كان في شبابه أشبه بشجرة بلوط فتية تفرعت غصونها في شتى الاتجاهات على نحو لم يأخذ شكلاً محدداً بعد ، و لكنها تنح عن الصلابة و الجمال المتكامل لشجرة ستكون جبارة في المستقبل .‏ واضاف  الكاتب الروسي ( كورولينكو ) كان وجه ( تشيخوف ) على الرغم مما يبدو فيه من ذكاء ، يحمل تقطيبة معينة تذكرك بشاب قروي ساذج ، و كان كذلك ذا جاذبية خاصة ، وحتى عينيه الزرقاوين اللامعتين العميقتين كانتا تشعان فكراً، و كانت فيه في الوقت نفسه ، تلقائية تكاد تكون طفولية ، وكانت السمة المسيطرة على هيئته كلها ،و كذلك على كتاباته هي بساطة حركاته واساليبه وحديثه في بداية عام 1887 ظهر لتشيخوف كتاب ( قصص منوعة ) وهي التي نشرت في مجلات ( بودلينك ) و ( ستريكوزا ) و ( اوسكولكي ) ، وقد لفت هذا ، فور صدوره ، انتباه جمهور عريض من القراء ، و قد حظي بنجاح كبير و بدأ الكتاب يكتبون عنه .‏ و بعد صدور كتاب ( قصص منوعة ) اصبح ( أنطون تشيخوف ) مشهوراً على الفور على الرغم من ان تقدير هذه الموهبة الجديدة كان مثاراً للخلاف و الجدل وكان الكتاب يشع ببريق الفكاهة و المرح و بكثير من سرعة البديهة الاصيلة و الايجاز الفائق و قوة التعبير .‏ و يذكر ان ( تشيخوف ) كان عندما وصل الى موسكو كاتباً مبتدئاً و مؤلفاً لبعض المقالات و الزوايا الصغيرة الفكاهية ، فقد انتسب الى كلية الطب ، وانهى دراسته الجامعية ، دون ان ينفصل او يبتعد عن عالم الادب ، و صار الطبيب الشاب يعالج المرض و ينشر في المجلات الفكاهية مقالات و قصصاً قصيرة كان اجملها قد صدر بالاسم المستعار ( أنطوشا تشيخونته ) .كان تشيخوف يشعر على الدوام ان الادب لا يشبع رغباته و طموحاته ، لذا سعى للولوج في الحياة و المشاركة فيها ، و ظلت هذه السمة في كيانه حتى النهاية ، وفي قرية ( ميليخوفو ) القريبة من موسكو ، التي احبها تشيخوف ، عاش ست سنوات ساعد خلالها الفلاحين كطبيب ، وبنى المدارس وسافر الى المحافظات والمناطق التي كانت تعاني من الجوع ، وفي اثناء انتشار وباء الكوليرا قدم ( تشيخوف ) بمفردات خدماته لمنطقة فيها الكثير من السكان ، ووضع حد الانتشار هذا الوباء الفتاك كما شارك في الاحصاء العام للسكان عام 1897 .‏ كتب ( تشيخوف ) في ( ميلخوفو ) اكثر من اربعين مؤلفاً وكانت هذه الفترة غنية بإنتاجه الادبي ، منها ( البيت ذو العلية ) و ( النورس ) و ( الطالب ) و ( تشايكا ) تناول فيها الحياة اليومية بسخرية لاذعة و صور مشاهد عائلية ،وروى حكايات ابطالها التجار و الطلاب و الموظفين .‏ ولما تفاقم مرض ( تشيخوف ) سافر الى القرم او ( يالطا ) بعيداً عن موسكو ، حيث بنى لنفسه بيتاً ( الكوخ الابيض ) في يالطا وزرع حديقته بيديه ، و ظل كسابق عهده يساعد الجميع ، و يستقبل كبار رجال الثقافة و الادب ، الذين كانوا يزورونه دائماً مثل ( تولستوي ) و ( غوركي ) و ( بونين ) و ( رحما نينوف ) و ( شاليا بين ) كما واصل الكتابة ،وابدع تلك الاعمال الشهيرة ( حبوبتي ) و ( السيدة و الكلب ) و (الاخوات الثلاث ) و ( بستان الكرز ) .‏ إن ابداعات ( تشيخوف ) قد حظيت بقيمة عالمية خارج روسيا:لقد احب تشيخوف شو » و« أرنست همنغواي » و « جون بريستاي » و « توماس مان » ، وكتب الأديب الفرنسي الشهير « فيركور &

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram