منظمات المجتمع المدني التي ظهرت بكثافة على الساحة العراقية بعد سقوط الصنم في 942003 كانت سابقة غير معهودة على المجتمع العراقي ، وكانت تعني للعراقيين في ذلك الوقت مجموعة من المنظمات التابعة لحزب البعث ولا تخرج فعالياتها عن اتجاهات الحزب، وانما كانت احدى مهامها كسب المواطنين للبعث والترويج لافكاره،
وفي احسن حالاتها كانت عبارة عن مجموعة من الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات مالية وعينية متواضعة إلى الارامل والايتام وضحايا حروب الطاغية.rnبداية التأسيسعزيز فرحان من مؤسسي (الشبكة العراقية لثقافة حقوق الانسان والتنمية)، يقول «البداية مع تجربة منظمات المجتمع المدني بعد التغيير في 2003 وكانت لدينا الكثير من العلاقات في الاردن مع ناشطين عراقيين واساتذة جامعيين كانوا يطمحون الى تأسيس منظمة تعنى بحقوق الانسان، بعد ان كانت مثل هكذا نشاطات غير مسموح بها في زمن النظام السابق، لكننا استطعنا بعد سقوط الدكتاتورية ان نؤسس مركز بغداد لحقوق الانسان والذي كان البذرة الاولى للشبكة العراقية لثقافة حقوق الانسان والتنمية ، وكنا مصرين على الدخول في مجال حقوق الانسان لأن المواطن العراقي كان منتهكا بحريته وبأفكاره ومحاصرا بالسجون ويلاقي الاهانة والتعذيب».ويعتقد عزيز بأن الدول الغربية كانت تأخذ على العراق عدم اهتمامه بقضايا حقوق الانسان لذلك طمح عزيز ومن معه الى نشر ثقافة الدفاع عن حقوق الانسان ،ويضيف: «اعتمدنا في عملنا على جانبين الاول يقوم على نشر ثقافة حقوق الانسان، والجانب الثاني تنظيم حملات للدفاع عن حقوق الانسان، وقد استطعنا ان نقدم الكثير من خلال عقد الاجتماعات والندوات بين الاوساط الشعبية والشبابية واتصالاتنا مع الجمعيات والمنظمات العربية والدولية ، وارسال المتدربين الى دورات داخل وخارج العراق لاكتساب خبرة في العمل بهذا المجال».ويشيرفرحان الى أن منظمات المجتمع المدني تبنت الدفاع عن حقوق الانسان وعن دور المرأة وسيادة القانون والدستور، ولكن مازالت هذه المنظمات دون المستوى المطلوب والاسباب تعود الى المنظومة الاجتماعية العراقية التي تعتمد على العشائر والتي ترفض تدخل هذه المنظمات، وعدم قدرة وتفهم ووعي بعض القائمين على هذه المنظمات ، هذا بالاضافة الى عدم تفهم السلطة التنفيذية لدور المنظمات وعدم تقبلها لفكرة الشراكة مع منظمات المجتمع المدني، وفي وسط هذا الجو من الصعوبة ان تنمو هذه المنظمات بشكل سليم.ضرورة الشراكة اما هناء ادورد من جمعية الامل فتقول « ان ظهور منظمات المجتمع المدني كان عاملا مهما في عملية توعية الاوساط الشعبية في مواضيع مهمة سواء من ناحية الدستور وضرورة التعليم و خطورة تفشي الامية والدعوة الى محوها ورفع الوعي القانوني والاشارة الى حقوق المواطن والحصول عليها، وتناول مواضيع حقوق الطفل والمرأة والمعاقين، والتأثير على صناعة القرار السياسي وشن حملات ضغط على البرلمان وخصوصا في بعض بنود الدستور مثلما حدث مع المادة 41 حيث ضغطت منظمات المجتمع المدني على مجلس النواب للنظر في هذه المادة الخلافية والمهمة ، بالاضافة الى التحدث عن قضايا المرأة والعنف ضد المرأة ما ادى الى إنشاء لجان من الحكومة لمكافحة العنف ضدها واصدار قوانين تدعم هذا التوجه».وتجد هناء ان وجود هذه المنظمات تعد بمثابة الوسيط بين الشارع والحكومة واذا اعطيت الامكانيات وطورت من قدراتها سوف تنجز الكثير لأن الحكومة لاتتفهم الشراكة ولاتدعم هذه المنظمات ماديا.وعن الاعتقاد السائد بين الاوساط الشعبية حول ان هذه المنظمات تسعى للربح دون تقديم الخدمات ترد السيدة هناء عن ذلك قائلة « اننا نصر على ان نسمي منظماتنا المجتمعية بمنظمات غير الربحية اذ اننا لانسعى الى الربح ، ولكن هناك من يحاول ان يستغل هذه المنظمات لمصالح شخصية وللربح المادي، خصوصا وان هناك بيئة صالحة للفساد الاداري في الوضع العراقي الصعب.وتشير هناء الى أن العراق قد خرج من نظام شمولي مركزي وكانت الحكومة راعية لكل مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وهذا المفهوم خاطئ وهو جزء من النظام الشمولي، لذلك هم في هذه المنظمات يؤمنون بالشراكة بين الحكومة والاعلام والمنظمات المجتمعية من اجل التعبير عن مصالح الناس. نشاط متفاوت وعلق مدحت كامل من مجلس السلم والتضامن قائلاً: ان منظمات المجتمع المدني متفاوتة في عملها وفي دورها فالبعض منها كان جزءا من السلطة التنفيذية ويأتمر بأوامرها والاخرى وهي قليلة كانت تمثل حقا المنظمات التي تعنى بقضايا المجتمع وهي محجمة والاجراءات الحكومية قاسية وطويلة بالتعامل مع هذه المنظمات ، لكن رغم هذا يرى مدحت بأن المنظمات تخطو خطوات الى الامام وتقدم الخدمات وتقيم فعاليات كثيرة في ظل الواقع السياسي الصعب.واشار مدحت الى ان سن قانون المنظمات غير الحكومية بالرغم من انه حالة متقدمة في دعم هذه المنظمات الا انه ما يزال يربط تأسيس المنظمات بموافقة رئاسة الوزراء ، ويعتقد مدحت بأن هذا الامر طبيعي لان الحكومات والسلطة شرهة ودائما تحاول ان تسيطر على هذه المنظ
منظمات المجتمع المدني من واجهات للبعث المنحل إلى حاضنات للديمقراطية
نشر في: 9 إبريل, 2010: 07:27 م