TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حول مِلْكية المحتوى

حول مِلْكية المحتوى

نشر في: 10 إبريل, 2010: 04:37 م

اسين طه حافظأقول ملكيّة المحتوى وانا أنأى، قاصداً، عن ملكية النص. فذلك موضوع نعرفه ونعرف من وراء القول به. انا هنا في محاولة للوصول الى ما هو داخل المركّب اللغوي. ففي الرد على نقد، او على تحليل، كثيراً ما يواجهنا كاتب النص بعبارة:
"انا لم اعن هذا" و"انا لم اتطرق الى مثل ذلك..." لكن كاتب النقد والتحليل قد فهم ذلك مما قرأ!.فهل الحكم، بعد ذلك هو مساءلة المفردات ام مساءلة السياق ام انها مسالة تاويلية حدودها غير مقرّة ولا لازمة؟ وهل ما يصل من "معلومات" مختلفة وراءها رؤى مختلفة او ثقافات مختلفة؟ النص عموما ليس نهائي الابعاد عن ذاتية كاتبه او عن نشاطه الفكري.فليس من حق الكاتب، في حال كهذه، ان يضع حدودا نهائية لمعنى نص كتبه ولمحتوى اراده، مثلما ليس من حق احد ان يضع حدودا لما يفهمه هو من نص قرأه.تبقى مسالة، هي ان ثقافتنا الادبية المشتركة والمتقاربة قد توجد حدودا او تقاليد للفهم يلفت النظر الابتعاد عنها لكننا على وجه العموم لسنا في حال مشاركة دائمة ولا متكاملة. كما ان ثقافتنا الادبية، ان كان النص ادبيا، متحركة ولا نستطيع، الا بقدر، تحديد زمن الكتابة (بمعنى حصرها في زمن الانجاز) حتى اذا كانت من نتاج يومنا. ونحن ايضا لا نستطيع تحديد مدى ونوع المعاصرة. وهذا الحكم يشمل كتابة النص وكتابة نقده (فالنقد المكتوب نص ايضا..) ليس هناك كاتب معاصر تمام المعاصرة ولا قارئ معاصر تمام المعاصرة. كل مرتبط بثقافة والثقافة كونتها ازمنة بنسب متفاوتة ويتعذر عزل مقطع زمني منها لتفكيكه.على اية حال، المعنى قبل ان يتكامل وضوحه في ذهن كاتبه وقبل ان يحقق مجاله الحيوي في نص ما، كانت له ابعاد او دلالات، ليست هي، او ليست هي تماما في حال اخرى، من تلك الحالات التي صارت له بعد كتابة النص. في الكتابة يبعد المعنى عن كاتبه فلا يعود ذاتيا بالدرجة نفسها التي كان عليها قبل الكتابة او في اثنائها.هذا يعني اقتراب الاخر، مفردا او جمعا، من موقع كان من قبل حكرا. التحول الى الكتابة فتح بوابات عديدة، فادى انفتاحها الى محفزات جديدة، تحركت في ذهن القارئ- او الخارج- أو المؤوِّل. فنحن امام حركتين واحدة من النص باتجاه- الخارج واخرى من الخارج باتجاه- النص. وفي الحالين ابتعد الكلام عن قائله وانفصل النص عن كاتبه. وهنا اختلفت مداليله واشاراته والخزين الذي وراءه، فقد اختلط بخزين القارئ. بالنسبة للنص بدا اغترابه الفعلي بعد الكتابة وبالنسبة للقول بدا اغترابه الفعلي بعد الكلام. (قد يكون جديرا بالذكر هنا قول "ماركس" عن اغتراب المنتجات عن منتجها وبدء الاغتراب في عملية الانتاج...)، فالنص نوع من الانتاج غير المادي والكلام انتاج غير مادي ايضا.بتواصل القارئ والكاتب او السامع والمتكلم من خلال النص او الكلام، يتضح لنا نوع من التبادلية، الكلام، او النص، وسيط سليم بينهما. صلاح هذا الوسيط او سلامته يعني الحاجة الى "فن" كتابي، او اسلوب. الجهد النحوي والجهد البلاغي ذلك مقصدهما الاساس. كان النقاد العرب الاقدمون يؤكدون على "سلاسة" او "رشاقة" او "جمال الاسلوب، وعبارة "الديباج الخسرواني" تصوير جمالي جامع. وقد وصل تتبعهم الى صحة اللفظة المعينة في الموضع المعين واستنكارهم لما لا يرونه من اللفظ في مواضعه. ومعروف انهم يصدرون الحكم على الكلمة في النص المكتوب وفي الكلام.بعد تطور علوم اللغة، والمدى الكبير الذي شغله "علم" الدلالة، صرنا نعرف علميا اهمية الكلمة او المفردة بما لها من خزين وان مداها الدلالي يحدده كلا الخزين الموروث والجديد المضاف. ويبدو ان التناسق او التسلسل السليم او "الهارمونية" تعطي جواً له الاثر في نوع، وكم، التوقعات. وذلك يحدد نوع ومدى المضمون. وهذا المضمون ضمن جمالية الاسلوب، باهلية مفرداته، يهيئ ميلا للتقبل وللمتابعة.بهذا، صار يفسر الخلل الذي نحسه في قراءة سيئة، لنص (او قصيدة تحديدا) وان كنا غير بعيدين عن المضمون العام لهما. سبب الخلل اننا خسرنا الاتساق والتوالي السليم في الإخبار. خسرنا الهارمونية التي تهيئ جو الاتصال "الافضل"، ولا اقول "الاتم".من هنا ارى الاهتمام العربي القديم باللفظة وسلامة حضورها كان مبعث ذلك احترام "صناعة السياق" وذلك دليل ادراك فطري/ تجريبي. فطري حين كان الفعل للشفاهية وتجريبي حين خضعت الكتابة للتحليل والأحكام.واستكمالا لعرض الجهد العربي في هذا الشأن: ان العرب الاقدمين فصلوا بين الصورة وموسيقى الكلمة. بعضهم اهتم بصوتية او موسيقى الكلمة، "مكتوبة"، او اللفظة "منطوقة"، وبعضهم وجد في الصورة تعليلا ومطابقة. مثال ذلك اعتراضهم على قول امرئ القيس "غدائره "مستشزرات الى العلا.." "موسيقى كلمة مستشزرات" لم تلق قبولا، لكن الصورة والمعنى يخالفان ما رآه البلاغيون من قبل .. القسم الاخير من الكلام ادركته الدراسات الحديثة وادركه من قبل وعي الشاعر. وحين اغترب النص، ابتعد عن كاتبه او قائله، تسرب ذلك الوعي وظلت الاحك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram