متابعة اخباريةبينما ينشغل العالم في البحث عن حل "عادل" لازمة فلسطين، وضرب أسرائيل القوانين الدولية، يحرق الفلسطينيون وقتهم في تعميق الخلافات.ولم تثمر القائمة الطويلة للمبادرات العربية، وغيرها، عن تقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس المتخندقتين خلف اسوار سلطتين يعلو صوت الاولى في رام الله والثانية في غزة.
ونال العرب ما يكفي من الاحباط بعد شهور من جلسات تفاوض ضيفتها مصر بغية التوصل الى اتفاق بين الفريقين، وينظر المراقبون السياسيون الى هذا الخلاف على انه عامل سلبي ساهم في اضعاف الموقف الفلسطيني – العربي، ازاء تعنت اسرائيل، ما دفع الاخيرة الى اتخاذ قرارات غاية في الخطورة لن يكون اخرها قرار توسيع الاستيطان في القدس.الحديث، الان، عن هذا الخلاف يرتبط بما تعيشه غزة على مدى اليومين الماضيين، المدينة تغرق بالظلام، والفرقاء يتبادلان اتهامات التقصير بشان نقص الطاقة.وعم الظلام مناطق واسعة من غزة ليل امس الاول، بعد توقف محطة كهرباء القطاع عن العمل تماماً نتيجة نفاد الوقود، وفق ما أكده الناطق باسم سلطة الطاقة، جمال دردساوي، الذي قال إن هناك "مأساة كبيرة" جراء هذا الواقع.وبينما قال دردساوي إن سلطة الطاقة ستعاود الاتصال بالشبكة الدورية الإسرائيلية، القادرة على تأمين الطاقة بشكل مقنن يعادل ست ساعات من الكهرباء مقابل 12 ساعة من الظلام، اتهمت جهات مقربة من حركة "حماس،" السلطة الوطنية التي تقودها حركة فتح بالتسبب في الأزمة.وشمل الانقطاع مناطق شمال ووسط القطاع، بما في ذلك مدينة غزة ذات الكثافة السكانية العالية.ونقل المركز الفلسطيني للإعلام، المقرب من الحركة، عن المهندس كنعان عبيد، نائب رئيس سلطة الطاقة، اتهامه لحكومة سلام فياض بالمسؤولية عن التقليص المستمر لكميات الوقود الصناعي اللازمة لتشغيل محطة توليد الكهرباء، الأمر الذي تسبَّب في توقفها الكامل.وبحسب عبيد فإن "سياسة التقليص في كميات الوقود" هي التي قادت إلى الوضع الحالي، مضيفاً أن منذ اتفاق الاتحاد الأوروبي مع السلطة الوطنية على تحويل تمويل الوقود الصناعي المخصص لمحطة التوليد، والذي تسمح إسرائيل بإدخاله، جرى تقليص منتظم لكميات الوقود، وبالتالي أدَّى إلى عمل المحطة بشكل جزئي.وأورد المركز، نقلاً عن عبيد، أن العجز الآن يصل إلى نحو 50 في المائة من كهرباء القطاع، حيث الاعتماد بات على خطوط الإمداد الإسرائيلية، وكمية من الطاقة المقدمة من مصر لمدينة رفح.وحذّر عبيد من أن توقف المحطة عن العمل "سيكون له انعكاسات خطيرة على قطاعات أساسية،" مطالبا كافة الجهات بالعمل على تدارك المشكلة قبل وقوع كارثة إنسانية في القطاع.وبقدر تعلق الامر بارادة الحركتين في تخفيف حدة التوتر بينهما، والتوصل، سريعا الى قواسم جامعة، ينظر البعض الى الدور العربي في هذا الشأن بكثير من القلق.وبحسب مراقبين سياسيين فان انقساما عربيا واضحا حول اداء حركة حماس، وان هذا الانقسام بدأ يتسع، ويعكس، في ما يعكس، اتساع الفجوة بين الحركتين. في المقابل، وبينما تعيش غزة نقصا فادحا في الخدمات، فان الخلافات السياسية بين حركتي حماس وفتح ألقت بظلالها الثقيلة على عمل السلطة في غزة، الأمر الذي عمق حدة الإرباك في عملها. فيما يحذر خبراء قانونيون فلسطينيون من أن هذا الوضع قد يؤدي لانهيار جميع مكونات الحياة المدنية في القطاع.وليست الخدمات وحدها معطلة بسبب الخلافات في غزة، فالسلطة القضائية في طريقها الى الاندثار في القطاع الذي يغرق في الفوضى شيئا فشيئا؛ وفي هذا الإطار يرى مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان الدكتور عصام يونس بغزة (مركز اخبار الجزيرة) أن هنالك خطرا كبيرا بات يهدد مصالح مواطني القطاع نتيجة غياب القضاء وتعطل مرافقه, متخوفاً من انهيار كامل لجميع مكونات الحياة المدنية في قطاع غزة.ووصف الوضع الحالي الذي يعيشه القضاء الفلسطيني في قطاع غزة بالصعب والمعقد جداً، مشيراً إلى أنه لا تمكن معالجة الأسباب التي أوصلت الوضع القضائي إلى هذا الحال قبل معالجة النتائج التي عطلت مرافقه.ومن شأن استمرار الأزمة القضائية أن يتسبب في غياب القانون وتعطيل مصالح المواطنين والدوائر الحكومية، مما يؤدي إلى سيادة قانون الغاب وعودة الانفلات الأمني للقطاع.