هناك قول مأثور مفاده الشاعر يشعر بما لايشعر به سواه والشاعر عندما يمتلك موهبة الغناء، يكون دقيقاً في اختياراته ومتحفظاً الى ابعد الحدود بانتفاء القصائد الشعرية.
والاستاذ القبانجي ، شاعر ومطرب يمتلك الموهبة الخصبة في الاختيار من مصدر القوافي التي يكتبها غيره من الشعراء وقد قالوا قديماً (يكاد المطرب ان يكون شاعراً) والقبانجي بحكم اصالته وحبه للغناء وهبه الله موهبة القوافي فكان لايختار من الشعر الا احلى الكلام. ومن الذين غنى لهم الاستاذ القبانجي من الشعراء الخالدين شعراء العصر الجاهلي وعصر الاسلام والعباسي ومنهم جميل بثينة ..الذي قال في حبيبته بثينة. لكل حديث بينهن بشاشة / وكل قتيل بينهن شهيد لقد كان القبانجي ذواقاً في اختياراته للقصائد التي يراها تصلح للغناء في دواوين الشعراء القدامى والمعاصرين له، وذكياً في تغيير الجمل التي يعتقد انها ناشزة او جارحة للاذن ويضع مكانها جملة شعرية موسيقية تضفي شيئا من الجمالية على جو الاغنية وهو الشاعر المثقف الذي يجيد صياغة الكلمات الشعرية، وهو الذي يدرك جيداً، ان ليس من مهمة الجيد ان يرصف الكلمات على الورق كما يرصف الحجر على الارض وانما مهمة الشاعر اشبه بمن يدخل الى خميلة وارفة الظلال ينتقي اشذى واجمل ما فيها من ازاهير نعم هذا هو الاستاذ محمد القبانجي وهذه هي اختياراته الواعية منذ وضع الخطوة الاولى في طريق الفن والغناء، فقد كان ينتقي اغانيه من عيون الشعر العربي ومن ارشق القصائد المهيأة للغناء من دواوين الشعراء امثال (ابن الفارض –وابن زريق البغدادي –وعبد الغفار الاخرس –ومحمد سعيد الحبوبي –والسيد حميد الحلي –وعبد الباقي العمري-ومعروف الرصافي ، وعبد الرحمن البنا – والشيخ علي الشرقي والشيخ محمد رضا الشبيبي وعباس العبدلي –وعبد السلام حلمي –ومحمود الملاح – وخضر الطائي). اما بالنسبة لشعبياته الغنائية فقد استفاد من الحاج زاير الدويج واقتطف منه مجموعة من الزهيريات التي وجد فيها نفساً شعرياً ولمسة غنائية كما اختار من اشعار الملا عبود الكرخي وملا منفي العبد العباس الذي يعتبره القبانجي قمة في شعر الابوذية والموال. اما شعره هو بالذات فقد غنى الكثير من (الزهيريات والابوذيات والدارميات وبعض المقامات التي تؤدى بالشعر الفصيح وكذلك البستات البغدادية) مضافاً لهذا الابداع حالات الارتجال السريع وامام الجمهور يعطيك شعراً موزوناً لاغبار عليه من حيث الفكرة والمضمون والصورة الشعرية الجميلة ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر ففي حفلة تتويج الملك فيصل الثاني قال: واليوم انشد في المليك مدائحي في فيصل الملك العظيم الثاني يوم اغر فيه توج فيصل تاجاً سما فخراً على التيجان والمرتجى للنائبات ليعرب ابن النبي المصطفى العدناني كان هذا من مقام الجمال وخلال هذا الاحتفال بتتويج الملك فيصل بتاريخ 4 مايس عام 1953 نادى رئيس الوزراء انذاك نوري السعيد، على عريف الحفل المذيع الاستاذ محمد علي كريم وهمس بأذنه: ان الملك فيصل الثاني امر بتكريم الاستاذ محمد القبانجي وسام الرافدين من الدرجة الثانية وطلب منه الاعلان عن هذا التكريم.فأسرع الاستاذ محمد علي كريم الى (الميكرفون) ليعلن للمدعوين تكريم القبانجي بالوسام المذكور، وفي هذه الاثناء كانت الفرقة الموسيقية ما زالت على المسرح فما كان من القبانجي الا ان يمسك (الميكرفون) بعد الاعلان عن تكريمه مباشرة وأرتجل مغنياً من مقام الدشت ابياتا من الشعر مطلعها: لأن حليت صدري في وسام كان سنانه بدر تمام فلي ياسيدي شرف عظيم يحليه رضاؤك والوسام وقد ادهش الحاضرين لسرعة البديهية الشعرية التي يمتلكها وبعد الانتهاء توجه نحو الشاعرين محمد رضا الشبيبي والشيخ علي الشرقي مستفسراً منهما عن الابيات التي ارتجلها بقوله انقذني يا شيخ. فقالا له حسنا فعلت ولم تخطئ ابداً فأبياتك كانت مقفاة وموزونة وهي من بحر الوافر ومن ارتجالاته في الشعر انه في عام 1948 حضر الاربعينية التي اقامها الشباب القومي على مس
بين القبانجي وأحمد رامي
نشر في: 11 إبريل, 2010: 04:27 م