TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > الانتخابات النيابية ـ تاريخ وحكايات..قصة المجلس النيابي في العهد العثماني بالعراق

الانتخابات النيابية ـ تاريخ وحكايات..قصة المجلس النيابي في العهد العثماني بالعراق

نشر في: 11 إبريل, 2010: 04:38 م

مدخل العراق والانتخابات النيابية في اواخر العهد العثماني لابد لنا قبل الدخول في موضوع المجلس التأسيسي من استعراض الاوضاع الدستورية والسياسية وبالذات انتخابات (مجلس المبعوثان )ايام الدولة العثمانية، وذلك للعلاقة الوثيقة بين السلطة والقوانين العثمانية وبين ما تم التخطيط له وتنفيذه في العراق بعد الحرب العالمية الاولى اثر احتلال بريطانيا له عسكريا،
 كذلك كان للعقلية السائدة في اواخر العهد العثماني عند العراقيين وما جبلوا عليه من طباع اجتماعية وسياسية فيها تأثير كبير على سلوكهم السياسي والاجتماعي بعد الاحتلال بحكم اعتيادهم عليها.. بدأت الحركة البرلمانية في الدولة العثمانية بعد اعلان القانون الاساسي العثماني عام (1876-1293هـ) وقد عرفت هذه المرحلة باسم المشروطية لانها حاولت ان تقضي على نظام الحكم المطلق، الذي كان قائما حتى ذلك الحين، وان تجعل حكم السلطان العثماني "مشروطاً" بمراعاة القيود المقررة في القانون الاساسي، ولما كان العراق جزءا من الدولة العثمانية فقد سرى العهد الدستوري اليه مثل باقي ارجاء هذه الدولة، وبموجب هذا القانون كان مجلس الامة يتألف من هيئتين تسمى احداهما هيئة الاعيان والاخرى (هيئة المبعوثان)، الاولى يعين اعضاؤها مدى الحياة، والثانية ينتخب اعضاؤها من بين الناس بالطريقة السرية، وتقرر طريقة الانتخاب بقانون خاص. الا ان انتخابات المبعوثين التي جرت لاول مرة في تاريخ الدولة العثمانية لم تكن انتخابات بالمعنى الدستوري الصحيح، ففي كل ولاية من ولايات الدولة العثمانية لم ينتخب الناس نوابهم بل انتخبتهم المجالس البلدية في تلك الولايات. والسبب في ذلك يعود الى عدم وجود قانون الانتخابات الخاص بانتخاب اعضاء (مجلس المبعوثان)، اذ ان هذا القانون لم يصدر الا بعد اجتماع (مجلس المبعوثان) الثاني الذي افتتح في 13 كانون الاول 1877/7 ذي الحجة 1294 هـ حيث ناقشه وصادق عليه. افتتح (مجلس المبعوثان) الاول، وعقد اول اجتماع له في 19 اذار 1877م/ 4 ربيع الاول 1294 هـ في عاصمة الدولة العثمانية (الاستانة) لذلك كان العراق بعيداً عن حياة البرلمان وما يجري فيه اثناء انعقاده ، خاصة ان الصحافة لم تكن موجودة في العراق عدا صحيفة (زوراء) الرسمية، المقتضبة الاخبار، واكثر من هذا لم يكن اكثر الناس في الدولة العثمانية يعرفون معنى الدستور وما يحويه "ولاهم طلبوه او سمعوا فيه وانما قام به جماعة من المستنيرين من الاتراك في الاستانة، ولعل خير ايضاح لمفهوم الناس في الدولة العثمانية للبرلمان في اول عهده ما كتبه سليمان البستاني احد النواب العرب في (مجلس المبعوثان)، اذ قال "فلقد ايد لنا الاختيار باجتماع المجلس الاول عام 1876 "عقد الاجتماع الاول عام 1877" ان ابناء كل ولاية كانوا يظنون مبعوثهم منتدبا عن منتخبيه لاغير ومأمورا بتنفيذ جميع رغباتهم وابلاغ تشكيات افرادهم مهما كانت. حتى لقد كانت الرسائل في بعض الولايات تنهمر كالمطر على رؤوس مبعوثيها حاملة من المطالب ما لو طرحه المبعوث للبحث لما ناله الا هزء رفاقه اجمعين، فمن طالب بعزل خصم له واحالة مأموريته اليه، ومن ملتمس رتبة او نيشاناً..حتى كان من جملة تلك المطالب، ان مكاريا سرقت دابته فكتب الى منتدب ولايته ان يأمر باعادتها اليه". وطبيعي ان المجتمع الذي كان يعيش بمفاهيم خاطئة لمعنى البرلمان بهذا الشكل لابد ان يكون اختياره للمبعوثين في غير محله. خاصة ان الاختيار لم يكن يجري وفق قانون انتخابي ، بل وحتى لو وجد مثل هذا القانون فان الناس على بساطتهم هذه يمكن ان تؤثر فيهم اقل الضغوط المادية والمعنوية، وعلى هذا فليس من المستغرب ان يقف رئيس (مجلس المبعوثان) في ختام جلسات الدورة الاولى في شهر تموز عام 1877 فيقول للمبعوثين :"ارجعوا الى ولايتكم واعيدوا الانتخابات واجتهدوا ان ترسلوا لنا مبعوثين اتم عقلا واكثر وقوفا على احتياجات البلاد". وجرت الانتخابات الثانية بأوامر مؤقتة ، لعدم صدور قانون انتخابي خاص، وبدأت اجتماعات مجلس المبعوثان في دورته الثانية، الاان السلطان العثماني قرر تعطيل المجلس الى اجل غير محدود في 14 شباط عام 1878 قبل ان يكمل دورته هذه ونفى وابعد البارزين فيه، وبقي قانون الانتخابات الذي اصدره المجلس في دورته الثانية حبرا على ورق، دون تطبيق. ان عمل السلطان هذا لم يولد ردود فعل في البلاد والسبب في ذلك كما يقول ساطع الحصري، "لان الحياة الدستورية لم تكن عندئذ مدعومة براي عام واع، ولابطبقة قوية من المستنيرين بل كان من عمل مدحت باشا مع جماعة محدودة من المفكرين، ولم يبلغ السلطان عبد الحميد الثاني القانون الاساسي رسميا بل بقي يدرج في صدر الحوليات الرسمية التي كانت تصدر كل سنة، الا ان الدولة العثمانية مرة ثانية لمدة اكثر من ثلاثين سنة تكونت خلالها جمعيات سرية في داخل البلاد، وعلنية في خارجها، لاظهار مساوئ الاستبداد الحميدي، ومنها جمعية الاتحاد والترقي التي الفها ضباط الجيش، وطالبوا مع من آزرهم من المدنيين باعادة القانون الاساسي وجعل البلاد العثمانية دستورية نيابية، وفي صباح يوم 10 تموز عام 1908 اضطر السلطان عبد الحميد الثاني الى الرضوخ امام ثورة بعض وحدات الجيش وتأييد القطعات العسكرية لها في كل انحاء الامبراطور

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram