لو نظر أحدٌ من أهل المريخ أو درب التبّانة، إن كان لهما أهل، إلى الأرض و ما يجري عليها، وكانت لهم عيون زرقاء اليمامة أو تيليسكوب هابل، مثلاً، لهالَهُ بالتأكيد ما يفعله أهل الأرض بأنفسهم وبالكوكب الصغير المسكين الذي يعيشون عليه!
فالقوي يأكل الضعيف، والضعيف يأكل الأضعف منه؛ والذي يكفيه مليون يريده عشرة، والذي يحكم أربع سنوات يريدها أربعين؛ والذين لديهم ثروة يتقاتلون من التخمة، والذين ليست لديهم ثروة يتقاتلون من الجوع؛ والذين يحاربون الدكتاتورية والظلم يتحولون إلى طغاة وظَلَمة، والضعفاء الذين يزدادون قوةً يتحولون إلى غزاة! هذا لا يطيق العيش بسلامٍ في بلده ومع أهله فيخلق لمن حوله المتاعب، وذاك لا تعجبه لحية جاره فيريد أن يحلقها له!عراقيون يتنازعون، وسط الخراب و القمامة وتآمر الأعداء، على سلطةٍ لن تهنأ بها فئةٌ منهم من دون رضا الفئات الأخرى! وإيرانيون لا تكفيهم بلادهم الشاسعة المليئة بالخيرات، ونفسهم في طنب الصغرى والكبرى وحقل الفكيكة وهنا وهناك من بقاع "أشقائهم" العرب المسلمين! وسودانيون يتركون سلة الخبز تشتعل فيها النيران، ويتنازعون على مَن يتولى أمر هذه السلة! وصوماليون يتقاتلون على لا شيء! ومتخلّفون مسلَّحون باللحى والعبوات الناسفة يقتل الواحد منهم مئات الأبرياء ويخرّب حياة الناس اليومية! وبلدان متطورة تخترع وتبتكر ليعيش الإنسان بصحةٍ طيبة وحياةٍ سعيدة من جانب، وتنشر الحروب وتلوّث الجو والموارد الطبيعية بالشكل الذي يدمّر الحياة على الأرض كلها، من جانبٍ آخر!أليس أهل المريخ، إن وُجِدوا، على حق حين لم تعجبهم مثل هذه الجيرة المقرفة، وهاجروا ربما إلى مجرَّاتٍٍ أخرى؟!عادل العامل